آراء حرة

الحوكمة الرشيدة في المؤسسة سبيل للتنمية وتطوير الأداء

الحوكمة الرشيدة في المؤسسة سبيل للتنمية وتطوير الأداء

الكاتب: د. سلامة أبو زعيتر
ظهر مصطلح الحوكمة الرشيدة باعتباره حجر الزاوية لتنمية وتطوير عمل المؤسسات، وتم البدء في استخدامه مع بداية التسعينات من القرن الماضي، وتزايد استخدامه في السنوات الأخيرة، وأصبح شائع الاستخدام من قبل الخبراء والاستشاريين للعمل المؤسساتي، وقد حاز على قدر كبير من الاهتمام والعناية من العاملين في المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، ولاسيما السلطات العليا والإشرافية والرقابية بالمؤسسات؛ خاصة لما تواجه تلك المؤسسات من تحديات وأزمات تعصف بعملها، وتحول دون قيامها بدورها وتحقيق أهدافها والمهام المناطة بها، مما يستدعي وجود آليات وبرامج تنظم هذه العمليات والاجراءات، والحوكمة بمفهومها العام تقوم بهذا الدور، فهي مجموعة الانظمة والقوانين والسياسات والإجراءات الداخلية، وتشكل نظام رقابة وتوجيه بالمؤسسة، يساهم في توضيح الأسس والإجراءات المنطقية لصناعة القرارات الموضوعية، والرشيدة المتعلقة بالعمل لتحقيق الأهداف المرجوة، وذلك وفق ما تحدده من مسئوليات وحقوق للعاملين، وطبيعة وشكل علاقات الاتصال فيما بينهم، بما يعزز العدالة والشفافية والنزاهة والمساءلة وصولاً للمصداقية في بيئة العمل مما ينمي الثقة اتجاه المؤسسة وداخلها.

تنبع أهمية الحوكمة بأنها العمليات التي تقوم من خلالها قيادة المؤسسة بتوجيه العمل نحو الهدف والرؤية والرسالة، بما يوفر الحماية لمصالح الأعضاء والموجودات بالمؤسسة، ويحقق الموائمة بين المسؤوليات الاستراتيجية والتشغيلية بطريقة منظمة ومدروسة بشكل فعال وسليم، وبما يساعد في تحقيق الأهداف واتخاذ القرارات بأفضل الطرق المتاحة المبنية على التالي:

- الالتزام بالخطة الاستراتيجية للمؤسسة والمعايير والقوانين والانظمة.
- حماية ممتلكات ومقدرات المؤسسة ومصالح الأعضاء والموجودات.
- توزيع الصلاحيات والمسئوليات والمهام بما يتوافق مع الأدوار والأهداف المرجوة.
- تعزيز معايير الشفافية والثقة والمصداقية في بيئة العمل.
- بناء جسور من العلاقات الصحية والفاعلة بين كل المستويات في العمل على قاعدة التكامل والشراكة.
- توثيق البيانات والمعلومات التي تتعلق بالعمل وأرشفتها بشكل مؤسساتي.
- تعزيز ثقافة العمل المؤسساتي السليم.

لقد أصبح أحد مقايس جودة المؤسسة وتميزها مرتبط بمدى التزامها بتطبيق معايير الحوكمة الرشيدة في عملها التي يمكن تلخيصها بالتالي :

- سيادة النظام والقانون وذلك من خلال بناء هياكل قانونية عادلة في المؤسسة، بشكل منظم ونزيه بما يكفل الحقوق ويراعي مبادئ حقوق الإنسان.
- الشفافية والوضوح بحيث تكون المعلومات في المؤسسة متوفرة ومتاحة للأشخاص المعنيين سواء صانعي القرارات أو المتأثرين بها، وتكون هذه المعلومات كافية ومتاحة وسهلة الوصول إليها.
- المشاركة والتعاون يعد مكون أساسي للحوكمة الرشيدة، ويبدأ بمشاركة المرأة والرجل بالتعاون في العمل مروراً بالزملاء والشركاء ضمن منظومة المؤسسة ومكوناتها الوظيفية والمهنية.
- العدل والشمولية بما يساهم في وجود نظام عادل وشامل مبني على أساس أن جميع المعنيين وفق نظام المؤسسة سواء من برامجها أو خدماتها، هم شركاء وجزء من مسيرتها، وهذا يتطلب آليات لجذب كل فئات المجتمع وخصوصاً الفئات المهمشة.

- التوافق وهو عنصر مهم لتخفيف النزاعات، وأوجه الخلافات، فالتفاوت في وجهات النظر داخل المؤسسة يؤثر على عملها وقيامه بواجباتها والدور المناط بها مما ينعكس سلباً عليها، لذا لابد من التوافق بين الأفراد والإدارات في كل المستويات الوظيفية.

- الكفاءة والفاعلية ويعد مكون أساسي في العمل، فالمؤسسات تسعى لتقديم خدمات في المجتمع وبما يحقق احتياجاته، وذلك بالاستغلال الامثل للموارد المتاحة والمتوفرة.
- توزيع الادوار بشكل واضح ومحدد وفق وصف وظيفي واضح لكل المهام في المؤسسة ودمج الكفاءات والقدرات المهنية بالمسئوليات.
- التجاوب مع متطلبات المجتمع وجميع الشرائح المستهدفة من برامج وأنشطة المؤسسة في سقف زمني محدد ومنطقي.
- المسائلة والمحاسبة وهو معيار مهم ومؤثر في العمل المؤسساتي لما لذلك من أثر لتقييم العمل وتقويمه، وتعزيز مبدأ الثواب والعقاب لتطوير وتنمية العمل، وذلك من صلب الحوكمة الرشيدة.
إن الحوكمة الرشيدة منهج ورؤية حديثة بالإدارة تساهم في تزويد المؤسسة بالسياسات، والأساليب والطرق النوعية لإدارة العمل بكفاءة وفعالية، وتساعد في وضع الإطار المنطقي لاتخاذ القرارات

والإجراءات الأخلاقية داخل المؤسسة بما يحقق الجودة والتميز في الأداء، ويمكن تلمس ذلك من خلال :
- مدى قناعة الفئات المستفيدة والمستهدفة من المؤسسة بالخدمات المقدمة لها ضمن رؤية واضحة وسهلة الفهم للوصول لها.
- بناء المؤسسة ولوائحها ونظمها ومدى استجابتها لمعايير الحوكمة الرشيدة.
- وضوح توزيع الأدوار والمسئوليات بين كافة العاملين في المؤسسة بشكل مكتوب ومفصل وتحديد طبيعة وأشكال الاتصالات الداخلية والتفويض.
- وضوح آليات التقييم والتقويم بالمؤسسة ومقاييس الجودة وتحسين الأداء للخدمات المقدمة وطرق التأكد من تحقيق الأهداف المحددة .
- وجود مدونة سلوك تحدد المعايير والضوابط لسلوك العاملين مع مراعاة الالتزام والعمل بهذه المعايير, وأن الجميع في المؤسسة يفهمها ويطبقها بدقة.
- كيفية اتخاذ القرارات وأشكال الاتصال بين المستويات وطبيعة العلاقات الداخلية بين الأقسام وكيفية ادارة المخاطر والتحديات والتعامل مع الازمات.
- الضوابط للمراقبة والمتابعة لضمان الالتزام بتطبيق القوانين واللوائح بالمؤسسة، واليات التأكد بأن الانفاق قانونيا .
- أن تكون الآليات والقنوات الموضوعة لتلقى الشكاوى معلنه للجميع .


أخيراً أن مراعاة معايير الحوكمة الرشيدة في المؤسسة يساهم في ظهورها بشكل أكثر شفافية، ويزيد من مصداقيتها في المجتمع، وهذا يساعدها بالقيام بواجباتها ومهامها وتحقيق أهدافها بشكل سلس ومنظم، بما يضمن دائماً التوجيه والإرشاد الاستراتيجي للمؤسسة، والرقابة الفعالة على الأداء، ومدى ملائمتها مع الواقع والبيئة الاجتماعية التي تعمل فيها، والتي له الأثر الكبير على نجاح عملها وسمعتها في المجتمع على المدى الطويل .

* نقلا عن وكالة معا الإخبارية 

**المقالات والآراء المنشورة تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي أمان
go top