تواجـه السـلطة الوطنيـة الفلسـطينية تحديـاً ماليـاً بنيويـاً يتمثـل في حجـم التسـرب المالـي الكبيـر والمتواصـل الناجـم عن طبيعة العاقـة الماليـة غيـر المتكافئـة مـع الجانـب الإسـرائيلي، والتـي تأسسـت في إطـار بروتوكـول باريـس ومـا تـاه مـن ترتيبـات ماليـة وإجرائيـة غيـر عادلـة. يهـدف هـذا التقريـر إلـى تشـخيص وتحليـل ظاهـرة التسـرب المالـي بجميـع قنواتهـا، وتقديـر حجـم الخسـائر المترتبـة عليهـا، وتقييـم انعكاسـاتها الماليـة والاقتصاديـة علـى الماليـة العامـة والاقتصـاد الكلـي الفلسـطيني،
بمـا يم ّكـن صانـع القـرار مـن صياغـة اسـتجابات وسياسـات أكثـر فاعليـة للحـد مـن آثارهـا.
تكشـف نتائـج الدراسـة أن حجـم التسـرب المالـي السـنوي المقـدر يبلـغ 1,105.69 مليـون دولار أمريكـي سـنوياً، أي مـا يعـادل حوالـي 22.9% مـن إجمالـي الإيـرادات العامـة ومـا بـن 7 و7.4% مـن النـاتج المحلـي الإجمالـي، وهـو مؤشـر علـى حجـم الضغـوط الماليـة علـى الحكومـة الفلسـطينية ويؤثـر مباشـرة علـى قدرتهـا علـى تنفيـذ السياسـات التنمويـة والاجتماعيـة.
تشــير البيانــات إلــى أن أكبــر مصــدر للتســرب المالــي يتمثــل في الضرائــب المتعلقــة بالعمــال الفلســطينين في إســرائيل – ضريبـة الدخـل والمعادلـة، التـي تبلـغ قيمتهـا الإجماليـة 419.3 مليـون دولار أمريكـي (37.9% مـن إجمالـي التسـرب)، تليهـا الأنشـطة الاقتصاديـة الإسـرائيلية في المناطـق المصنفـة (ج) بقيمـة 284 مليـون دولار (25.7%)، وقطـاع الاتصـالات بقيمـة 162.5 مليـون دولار (14.7%)، بينمـا تشـكل بقيـة القنـوات مثـل الضرائـب والرسـوم علـى المحروقـات، العمولـة الإداريـة علـى أمـوال المقاصـة، الضرائـب علـى الاسـتيراد، وضريبـة المغـادرة عبـر جسـر الكرامـة نحـو 21.7% مـن الفاقـد المالـي السـنوي.
