أخبار 2019

خلال جلسة استماع عقدت في "أمان": العلاقة الرقابية ما بين الديوان والسلطة القضائية اضعفها غياب السلطة التشريعية والصراع على الصلاحيات

خلال جلسة استماع عقدت في "أمان":  العلاقة الرقابية ما بين الديوان والسلطة القضائية اضعفها غياب السلطة التشريعية والصراع على الصلاحيات

رام الله- بين مدّ وجزر، وعلى الرغم من انه عادة ما يثير موضوع المساءلة والرقابة الخارجية على القضاء خلافات جدية تدور ما بين رافض لهذه الرقابة بحجة انها تمس بمبدأ استقلال القضاء وعدم جواز التدخل في شؤونه، وما بين مؤيد لهذه الرقابة بحجة انها تعزز من جدية الرقابة والمساءلة على القضاء دون المساس باستقلاله خصوصا اذا ما كانت هذه الرقابة مقتصرة على الرقابة المالية والادارية ولا تشمل العمل القضائي.

الا ان المجتمعين في جلسة الاستماع المفتوحة التي عقدها ائتلاف أمان للاستماع الى ملابسات انسحاب ديوان الرقابة المالية والإدارية من الرقابة على السلطة القضائية بهدف الوصول الى المعلومات من مصادرها الرسمية ولايجاد صيغة توافقية وتقديم الإيضاحات لممثلي المؤسسات المعنية والمواطن، وبحضور ممثلين عن هيئة مكافحة الفساد، ووزارة العدل، وعدد من المحاميين والأكادييمين والقضاة السابقين اضافة الى مؤسسات شريكة في الائتلاف الاهلي لاصلاح القضاء وحمايته والإعلاميين؛ اتفقوا على أن السياق العام الفلسطيني باطره الرسمية والشعبية يطالب  باصلاح وحماية القضاء من خلال تعزيز الرقابة والمساءلة على الجوانب المالية والادارية وحسن الامتثال والاداء في السلطة القضائية بما لا يمس استقلالية العمل والشان القضائي وخصوصا ما يتعلق بصلاحيات القاضي التقديرية في ادارة الدعوى القضائية.

وقد أثار ائتلاف أمان بعض التساؤلات للطرفين حول الموضوع، إذ خاض سعادة القاضي أسعد الشنار امين عام مجلس القضاء الاعلى عباب النقاش، معبرا عن وجهة نظر مجلس القضاء الأعلى، ومشيرا أن التعاون بين ديوان الرقابة المالية والإدارية ليس وليد اللحظة وانما قديم، ومبني على احترام لمهام الديوان التي انحصرت في الأعوام السابقة على نطاق المالي والإداري فقط، فيما تجاوزها في المرة الأخيرة ليشمل الرقابة على الأداء، كمطالبة الديوان الرقابة على انتدابات السادة القضاة وتقييماتهم، والشكاوى والتظلمات المرفوعة عليهم، وجلسات التأديب والتحقيق المقامة بحقهم، إضافة الى أعمال التفتيش القضائي، ومحاضر مجلس القضاء الأعلى، الأمر الذي يمس بهيبة السلطة القضائية، مؤكدا أن السلطة القضية تتعامل مع الأمور المذكورة بسرية وتقوم بمعالجتها حسب الدستور والمواثيق الدولية والقوانين الداخلية لمجلس القضاء الأعلى. وعليه، تمت إحالة القضية الى المحكمة الدستورية للبت في حدود صلاحيات الديوان، ومشيرا الى احترام المجلس لقرار المحكمة، والعمل بموجبه حال صدوره.

فيما أشار الاستاذ جفال جفال، مدير عام ديوان الرقابة المالية والإدارية، أن الديوان يمثل الجهاز الرقابي الأعلى في فلسطين، وأنه مؤسسة مستقلة دستوريا تمارس مهامها ضمن معايير دولية ولا تنحصر بالرقابة المالية والإدارية فقط، إذ أنها تتعدى ذلك لتشمل رقابة الامتثال؛ أي مطابقة النشاط للقوانين والأنظمة والتعليمات ومدونات السلوك، إضافة الى الرقابة على الأداء، موضحا أن الأصل في عمله الوصول غير المقيّد الى المعلومات. وقد أكمل جفال حديثه مستشهدا بقانون الديوان  رقم (15) لسنة 2004 وتعديلاته وبالأخص نص مقدمة المادة 23 التي حسمت صلاحية الديوان بالرقابة المالية والادارية على السلطة القضائية، إضافة الى المادة 32 والتي نصت على إخضاع السلطة القضائية للرقابة المالية والإدارية. وقد وضع جفال اصبعه على الإشكال الذي حدث بين الطرفين، إذ طلب الديوان الرقابة على الشكاوى للتأكد من إخضاعها للإجراءات، وجدول التشكيلات القضائية وتوزيع السادة القضاة على المحاكم، مشيرا أنه يقع ضمن مهام الديوان تعزيز الثقة بين المواطن والسلطة القضائية وليس إصلاح الشأن القضائي.

فيما أعربت هيئة مكافحة الفساد عن موقفها إزاء القضية، مؤكدة على ضرورة استقلال الجهازين، وإعمال الرقابة لجميع الجهات الخاضعة، كأحد أهم متطلبات الشفافية ومكافحة الفساد، مع عدم المس في صلاحيات القضاة والغوص في شأنهم الداخلي.

وقد أجمع الحاضرون أن المرسوم الرئاسي الذي أصدره فخامة الرئيس محمود عباس، لم يكن ضروريا، إذ أجاز مهاما منصوص عليها في القانون، وأن الخلل الرئيسي يكمن في النظام السياسي غير المتكامل بأعمدته الثلاثة في الواقع الفلسطيني الراهن؛ إذ يعد ديوان الرقابة المالية والإدرية أحد أدوات المجلس التشريعي، ويمكن له أن يكون بوضع أقوى عند عودة البرلمان، مؤكدين في ذات الوقت على اهمية وجود الرقابة على السلطة القضائية، على نحو يضمن الفصل المرن والمتوازن بين السلطات.

go top