هداية شمعون (*)
"حصلت في الغالب على وثائق لم أتمكن من الاستعانة بها لخوفي أن أكشف عناصري بدون قصد، وهناك قضايا لم أجرؤ أن أكتب عنها لنفس الأسباب"[1]
(*) إعلامية وباحثة/ وحدة الرصد والدراسات في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان
[1] سيمورم م.هيرش: مذكرات صحفي استقصائي، 2019
هذا الاقتباس للصحفي الاستقصائي سيمون هيرش الذي أصدر حديثا تجربته الاستقصائية، وكقاعدة أساسية لعلاقة الإعلامي مع القانون ترجح دائما، وتتصدر مقولة أن "الجهل بالقانون لا يعتبر عذرا لمن يرتكب أي جرم" حتى لو كان إعلاميا، وقد تشكل هذه مساحة ضبابية في وضعنا الفلسطيني خاصة في ظل بيئة غير محصنة قانونيا.
إن المعرفة القانونية أمر في غاية الأهمية من أجل أمن وسلامة الاستقصائي من الناحية القانونية، وتتوجب معرفته وإدراكه بتفاصيل القانون، وأن يكون على علم ودراية بالطرق المختلفة التي يمكن إتباعها بهدف الحصول على المعلومات.
إن الثقافة القانونية مطلب أساسي لتكون نهجا وممارسة وتطبيقا، فهي لا تسمح بمناطق رمادية لعلاقة الإعلامي بالقانون، وتساهم في حمايته وعدم تجاوزه أو تعديه لحقوق الآخرين، وتساهم بمعرفة حقوقه التي هي أول وسائل دفاعه إذا تم اتهامه وتحويله للقضاء.
كما أن هنالك مساحة ضبابية لازالت واضحة ما بين الاعتبارات الصحافية وما بين الحدود القانونية، هذه الضبابية نلمسها في تجاوز الإعلاميين الاستقصائيين بتجارب متعددة خلال الأعوام الماضية في ممارسة عملهم الاستقصائي، وقد تكون هذه الضبابية بفعل الجهل أو الفجوة المعرفية القانونية، أو لعدم وجود حاضنة تشريعية مقرة لحقهم في الحصول على المعلومات، أو لأسباب أخرى.
وتباعا ومن واقع المشاهدة والملاحظة فهنالك إشكالية واضحة بتجاوز بعض الاستقصائيين لمحددات قانونية واجبة، ومارسوا طرقا غير نزيهة، واستخدموا طرقا لم تكن الطرق الفضلى في سبيل الحصول على معلومات أثناء عملهم الميداني، وعرضوا أنفسهم للمساءلة.
مدى مواءمة القوانين الفلسطينية للبيئة الاعلامية:
تبدو القوانين الفلسطينية بقراءة المشهد القانوني عامة مستمرة بإعاقة الصحافة الاستقصائية، فقوانين الصحافة والنشر لازالت على حالها، ولازال قانون الجرائم الالكترونية من أخطر القوانين على الصحافة الاستقصائية، فضلا عن استمرار عدم إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات، وقانون الأرشيف الوطني، مما يزيد من تعقيد البيئة القانونية للعمل الاستقصائي، ويزيد من خطورته.
المعايير القانونية الواجب اتباعها للاستقصائيين أثناء إعداد التحقيقات الاستقصائية:
يتوجب على الاستقصائي منذ بداية وضعه الفكرة للتحقيق أن يباشر في مرحلة مبكرة بالتشاور مع مستشار قانوني، أو أن يرجع للتأكد مما يمكنه الاستعانة به من أدوات وطرق للحصول على المعلومات في ظل الصعوبات الدائمة التي تواجه الإعلاميين، فمن المهم أن يضع خريطة متكاملة لفكرته ومصادره وأدلته وبياناته واثباتاته، وكل ما يتبع الآلية من عملية تفاعلية يثريها العمل الميداني، وعليه أن يكون حريصا على حماية نفسه وحماية مصادره، وألا يمارس هو نفسه في سبيل الوصول للمعلومات أي خلل قانوني قد يؤدي إلى إشكالات أكثر سوء، أو قد يؤدي به إلى التشهير، وإلى التعرض للمساءلة القانونية.
وما بعد تحديد الفكرة تأتي مرحلة جمع المعلومات حول قضيته إذ يجب الاهتمام بالتالي:
- يجب البدء بتوثيق المعلومات التي حصل عليها.
- الاحتفاظ بالتسجيلات الصوتية والمقابلات ونسخ المستندات وغيرها.
- الانتباه والتركيز بصياغة التحقيق في مسودته الأولى، والتأكد من المصطلحات المستخدمة، وأي توجيه لاتهامات بشبه فساد أو غيره يجب أن تكون مدعمة وموثقة، وليس مجرد تحليلا عاما.
- يجب التأكد من أخذ الرأي الآخر موثقا إما برسالة أو ايميل أو أي طرق مكتوبة وموثقة، ويفضل في حالة الاتصال الهاتفي أن يرافقها رسالة نصية وتوثيق الرد.
- الالتزام بقواعد النشر ومحدداتها، على منصة إعلامية.
المحظورات والطرق غير المشروعة في الحصول على المعلومات:
مرحلة توثيق المعلومات:
مرحلة صياغة التحقيق الاستقصائي:
لابد للصحفي أن يبتعد عن:
- العبارات المباشرة في توجيه الاتهام كلما أمكن، وعدم استخدام العبارات التي قد تعتبر شكلا من أشكال المبالغة والتهويل.
- لابد ألا يستخدم الصحفي الاستقصائي أي عبارات تدل على التهكم والسخرية من الغير، الإهانات غير المبررة، الابتعاد عن التحيز.
- الابتعاد عن شخصنة القضية والتي قد تؤدي إلى اتهام الصحفي بالذم والقدح.
- يجب الانتباه أن أي معلومة يذكرها الصحفي الاستقصائي في تقريره لا بد أن تكون مدعومة بمصدر مطلع.
- يجب على الصحفي إتاحة حق الرد للأطراف الأخرى، الأمر الذي يعد إضافة مميزة لإثبات حسن النية والمهنية التي تميز بها الصحفي في تحقيقه الاستقصائي في حالة المساءلة القانونية.
اقتراحات هادفة لتحسين تعزيز الثقافة القانونية للاستقصائيين: