أقرت الحكومـة الفلسـطينية في كانون الأول من العام 2016 أجنـدة السياسـات الوطنيـة 2017-2022 تبعها إقرار 19 خطة قطاعية و3 خطط عبر قطاعية، وتعهدات من الحكومة الفلسطينية بتبني نظام متابعة وتقييم مبني على النتائج لمتابعة تنفيذ الأجندة، هذه التعهدات التي لم ترَ النور وبقيت في منطقة رمادية برغم مضي عامين على إعداد أجندة السياسات الوطنية والخطط القطاعية. وفي خطوة مهمة لكنها متأخرة نوعا ما صادق مجلس الوزراء الفلسطيني في 18 ديسمبر 2018 على إطار النتائج الاستراتيجي لأجندة السياسات الوطنية "المواطن أولاً" (2017-2020)، والذي تضمن- حسب بيان مجلس الوزراء- "توضيح الهيكلية الأساسية التي يقوم عليها إطار النتائج الاستراتيجي، ومنهجية العمل المتبعة في إعداده، بدءاً من عملية المواءمة بين السياسات الوطنية والأهداف الاستراتيجية القطاعية وإطار الإنفاق المتوسط، وصولاً إلى تحديد نتائج وخطط العمل المرتبطة بها، والأدوات اللازمة لقياسها، فضلا عن عرض نموذج تطبيقي لخطط العمل المرتبطة بالنتائج، والذي تمثل في توفير الاحتياجات الأساسية للتجمعات السكانية، والخطوات الأساسية المتبعة في عملية إعداد إطار النتائج الإستراتيجي، بالإضافة إلى عرض المؤشرات الوطنية كأداة لقياس أثر تنفيذ الأجندة على المجتمع الفلسطيني، والتي تسهم في عملية المراجعة المستمرة، وتقديم الأدلة اللازمة لتقييم السياسات الوطنية، إضافة إلى المعايير الدولية التي اشتمل عليها الإطار، بما تحتويه من مؤشرات عالمية تسعى دولة فلسطين إلى إحراز تقدم نحوها".
لا شك في أن إقرار الحكومة لنظام متابعة وتقييم مبني على النتائج لمتابعة تنفيذ أجندة السياسات الوطنية، خطوة في الاتجاه الصحيح، لما فيه تعزيز لعملية المتابعة ودرجة التقدم والمساءلة الوطنية عن تحقيق الأجندة ونتائج التنمية المستدامة التي التزمت فلسطين بتحقيقها، إذا ما رافق إقراره المراحل الأولى لإعداد الخطط القطاعية لما يوفره من إمكانية تتبع سير الخطط في الإطار المخطط لها لتحقيق الأهداف المنشودة، ناهيك عن أن هذا النظام يعزز من دور المواطنين والمجتمع المدني في المساءلة عن تنفيذ الخطط والسياسات في مرحلة لاحقة؛ إلا أن تأخر إقرار النظام يثير التساؤل حول جدوى النظام وأثر العملية الرقابية برمتها، وحول جدية الحكومة في إرساء قواعد وتدابير وإجراءات فاعلة للمساءلة عن تنفيذ أجندة السياسات الوطنية والخطط القطاعية وعبر القطاعية.
نظام المتابعة والتقييم غير المنشور الذي أقرته الحكومة! تم الحصول عليه بصعوبة من مصادر خاصة، اتضح بعد مراجعته أن النظام بشكله الحالي لم يصل إلى مرحلة النضوج والشمولية المطلوبة، فما زال الإطار يعتريه بعض النواقص التي قد تضعف تحقيق الغاية المنشودة من بنائه:
- لم يقدم النظام إطارا استراتيجيا شاملا للنتائج المرتبطة بالخطط القطاعية بشكل عام، بل اقتصر على تقديم نموذج لإطار النتائج الاستراتيجي لقطاع الطاقة، فالأصل أن يكون إطار المتابعة والتقييم شاملا ومتكاملا لأنه سيشكل الأداة العملية لمتابعة تنفيذ أجندة السياسات بكافة مخرجاتها.
- افتقر النظام إلى تحديد ضوابط وآليات لمتابعة تنفيذه، الأمر الذي قد يضعف عملية تتبع تحقيق الأهداف بشكل فعّال.
- لم يتضمن الإطار ربط المؤشرات الوطنية والمرتبطة بتحقيق إصلاحات تنموية في قطاعات حيوية مثل قطاع الشباب والتعليم بأهداف ونتائج محددة مرجو تحقيقها. فعلى سبيل المثال، المؤشرات التي تدلل على انخفاض معدل البطالة " و"تحسين جودة التعليم" لم تتضمن تحديد استهدافات على مدار السنوات المتبقية من عمر أجندة السياسات الوطنية، الأمر الذي قد يشكك في قدرة الحكومة على توجيه سياسات وجهود فاعلة لتحقيق إصلاحات تنموية في جوانب مهمة تمس القطاعات الحيوية، ويشكك أيضا في جدية الحكومة في التعامل مع هذا الإطار كأداة عملية لتطوير وتوجيه السياسات الوطنية نحو تحقيق الأهداف التنموية أو كأداة لتجسيد التزام الحكومة أمام المجتمع الدولي بتحقيق الأهداف الإنمائية، ما يدعو إلى الحاجة للإسراع في استكمال بناء النظام وإقراره ووضع ضوابط وآليات فعّالة تضمن فاعلية تنفيذه وإتاحة نشره تعبيرا عن جدية الحكومة في تنفيذ التزاماتها وإعطاء الجدية المطلوبة لأجندة السياسات الوطنية وللاستراتيجيات التي تم إقراره انطلاقا منها وبغرض تنفيذها من ناحية، ولتمكين الخبراء ومؤسسات المجتمع المدني من الرقابة والمساءلة على تنفيذها من الناحية الأخرى.
لانا طواشة
مديرة التخطيط والمتابعة والتقييم في ائتلاف أمان
9 شباط 2019