تلقت مؤسسات رسمية وأهلية بينها مؤسسات تعنى بقضايا الفساد في نهاية العام2014 وخلال العام الماضي شكاوى بعضها مدعمة بمستندات رسمية متعلقة بادعاءات تجاوز الأنظمة والقوانين الخاصة بمعادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية، نظرا لقيام وزيرة التربية والتعليم العالي السابقة الدكتورة خوله الشخشير بالطلب من اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية في شهر ايلول 2014 إعادة النظر في حوالي 27 ملف متعلق بشهادات عليا غير فلسطينية رغم رفض معادلة تلك الشهادات خلال الفترة من(2006-2014)، إلى ان تم في العام الماضي معادلة عدد منها بينها شهادات لمسؤولين سابقين، وشهادات لأشخاص لم يبت القضاء في طعونهم بعد، وشهادة أحدهم بعد سحبه للطعن المقدم لمحكمة العدل العليا، وشهادات قرر القضاء رد الطعون المقدمة بخصوصها وغيرها.
الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) قال على لسان المستشار القانوني بلال البرغوثي ان الائتلاف وانطلاقا من اهتمامه بكل ما له علاقة بمكافحة الفساد بشكل مباشر أو ما يرتبط بتعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة، فقد تلقى عدة شكاوى مدعمة بمستندات رسمية اثارت الشكوك في وجود واسطة ومحسوبية وسوء استخدام للسلطة، نظرا لما تحويه من ادعاءات حول أن القرارات الخاصة بالموافقة على معادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية تتم بصورة مخالفة للتشريعات النافذة بهذا الخصوص وبشكل استثنائي، ومن أن وزارة التربية والتعليم العالي عادلت شهادات لأشخاص سبق ان رفضت معادلة شهاداتهم في سنوات سابقة، وأن من بين تلك الشهادات تم رد الطعون المقدمة في بعضها لدى محكمة العدل العليا ".
الإشارات الواردة في تلك الشكاوى دفعتنا للبحث عن أحد المصادر والذي قدم عددا من تلك الشكاوى لأكثر من جهة رسمية وأهلية، لكنه وبعد الوصول إليه ومقابلته عاد وطلب عدم نقل أي شيء على لسانه، الأمر الذي استوجب التوجه لأطراف أخرى لتؤكد أو تنفي لنا قيام الوزيرة السابقة تقديم ملفات مرفوضة لإعادة النظر فيها من قبل اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية، فكان أن أكد لنا عضو إحدى اللجان الفنية المساندة لعمل اللجنة العليا، والذي فضل عدم الكشف اسمه" نعم طرحت تلك الملفات علينا، وحين سألنا عن سبب إعادة عرضها، قيل لنا بأن أصحاب تلك الشهادات عادوا وقدموا طلبا بذلك، ومن انه لا يوجد أي مشكلة في إعادة النظر فيها من الناحية القانونية! رغم ان إعادة تقديم الملفات للجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية في عهد الوزراء السابقين، كانت تقدم خلال الفترة القانونية للتظلم، وليس بعد عدة سنوات كما حدث أخيرا ".
ذات الأمر أكده ايضا عضو اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية(السابق) الدكتور اسحاق سدر عميد كلية الهندسة السابق في جامعة بوليتكنك فلسطين " طلب الوزيرة السابقة تم خلال اجتماعها الثاني مع اللجنة العليا، ولم يرفق معه أي كتاب رسمي يحمل رأي قانوني، وكان من بين تلك الملفات شهادات دكتوراه قررت محكمة العدل العليا رفض طعونهم، حيث بتت في تلك القضايا لصالح الوزارة! الأمر الذي رفضناه ، لأن في ذلك قفز على القانون، خاصة وان العديد من تلك الملفات مضى على رفضها عدة سنوات! فكيف يطلب منا اعادة فحصها؟! بالتالي كان ردنا يتلائم مع المسؤولية المناطة بنا، فاصطدمت الوزيرة برفض اللجنة، فتمت اقالة اللجنة في شهر10-2014 وتشكيل لجنة عليا جديدة ".
حيثيات بعض الشكاوى التي اطلعنا على عدد منها من أكثر من مصدر، احتوت عدة إدعاءات جاء فيها أنه وفي العام 2015 تمت معادلة الكثير من الشهادات سابقة الرفض، بينها شهادات لمسؤولين سابقين، وشهادات لأشخاص لم يبت القضاء في طعونهم بعد، إضافة لمعادلة شهادة لخريج سحبه طعنه المقدم لمحكمة العدل العليا، وشهادات لإثنين قرر القضاء رد الطعون المقدمة بخصوصها ".
عضو اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية الدكتور فادي قطان عميد كلية ادارة الأعمال في جامعة بيت لحم، تناول ما تم من معادلة شهادات سبق رفضها في سنوات سابقة بعد تشكيل لجنة عليا جديدة حيث قال" الأصل بأن القانون يعطي الحق لأي شخص تم رفض معادلة شهادته ان يقدم اعتراضا خلال فترة زمنية مدتها60 يوما، وعادة ما يتم تقديم مستندات اضافية، أما القول بأن اللجنة العليا عادلت شهادات سبق رفضها في سنوات سابقة، فأنا لا اذكر سوى ملف أو اثنان لأشخاص تقدموا بطعن لدى محكمة العدل العليا، والتي أحالت الموضوع مرة أخرى للجنة العليا".
فيما أقرّت وزارة التربية والتعليم العالي على لسان القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي الدكتور معمر شتيوي قيامها بإعادة النظر في عدد من الملفات التي تخص الشهادات العليا غير الفلسطينية رغم مرور عدة سنوات على رفض معادلتها، لكنه دافع عن هذا القرار عبر عرض حيثيات عدد من تلك الملفات" من ضمن القضايا التي أثيرت معادلة شهادتين لم يكن قد بت القضاء فيها بعد والتي سبق وان رفضت الوزارة معادلتهما فيما سبق ، تلك المعادلات لم يكن فيها أي تجاوز للقانون ولا استباق من قبل الوزيرة السابقة لقرارات المحكمة، لانها تمت استنادا لقرار اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية في شهر1-2015 بأن القوانين لا تطبق بأثر رجعي بمعادلة الشهادات، بمعنى ان يطبق على الطالب النظام المعمول به في تاريخ تسجيله في الجامعة، بالتالي معادلة شهادات كل من سجلوا للدراسات العليا قبل تاريخ نشر نظام2006 في الجريدة الرسمية، فكانت تلك الشهادات من ضمن من تنطبق عليهم هذه الحالة".
ويتبع القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي" أما معادلة شهادات عليا غير فلسطينية سابقة الرفض من اللجنة العليا برغم رفض طعونهم المقدمة لدى محكمة العدل العليا، فهناك حالتان فقط إحداها لخريج قررت المحكمة رد طعنه ولم نطلع على القرار، حيث تمت معادلة شهادته لأنه سجل للدراسة عام1999 قبل نشر نظام المعادلة ولأنه حالة نضالية، ناهيك عن كونه قد اخذ موافقة غير مكتملة في عهد وزير سابق، وبالتالي كان دورنا اتمام الإجراءات. أما الحالة الثانية فهي لموظف في وزارة الصحة درس اعلام بيئي، وكان قد تم التعامل مع شهادته على اساس انها دراسة طب، فرفضت الوزارة معادلة شهادته، كما تم رد طعنه المقدم لدى محكمة العدل العليا نظرا لأنه كان قد تظلم امامها على اساس انه قد درس طب، لكن بعد فحص وتحليل المحتوى في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه الخاص به، تبين انها إعلام بيئي وليست طب فتمت معادلة شهادته، علما ان المحكمة تنظر بالعادة إلى صحة الإجراءات وليس الى محتوى القضية ".
وأضاف الدكتور معمر شتيوي" وحول ان مسؤولين سابقين حصلوا على معادلة لشهاداتهم العليا غير الفلسطينية برغم ما كان من رفض للمعادلة بحقهم فيما سبق، فأولا لدينا 3 سفراء قدموا طلبات لمعادلة شهاداتهم العليا بعد انتظامهم لمدة 7 شهور فلم يحصلوا على المعادلة نظرا لأنهم لم يستوفوا شروط المعادلة، أما المعادلة للمسؤول السابق فكانت المشكلة ان ملفه سبق وان سلم لمسؤول سابق في الوزارة ثم ضاعت الأوراق، وبعد ان أقسم مسؤول الوزارة اليمين لدى المحكمة بأنه استلم الأوراق ومن ان الملف مكتمل، تمت معادلة شهادته، خاصة وانه حصل على شهادة الدكتوراه قبل صدور نظام2006 الذي اشترط الإقامة والانتظام ".
حق الرد اعطيناه لوزيرة التربية والتعليم العالي السابقة الدكتوره خوله الشخشير، حيث لم تنكر قيامها بالطلب من اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية اعادة النظر في حوالي 27 ملف، رغم ما سبق من رفض لتلك المعادلات من قبل اللجنة في سنوات سابقة" نعم، طلبت اعادة النظر في تلك الملفات من قبل اللجنة بهدف معالجتها نظرا لأن معظمها تحوي مستندات جديدة ولكوننا جهة الإختصاص، بدلا من ان يتوجه بعض اصحاب تلك الملفات والشهادات لمحكمة العدل العليا، خاصة وان هؤلاء عادوا وتقدموا بتظلمات للوزارة، لكن اللجنة العليا رفضت طلبي ذلك بداعي ان المتظلم عليه ان يتوجه للمحكمة".
وزيرة التربية والتعليم العالي السابقة التي شكّلت لجنة عليا جديدة لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية، دافعت عن قرارات معادلة عدد من تلك الشهادات مبينة اسبابها " ما تم من معادلة لشهادات بت القضاء بخصوصها فهناك مستجدات من مستندات واثباتات بتلك الملفات لم تكن واضحة او لم تكن مقدمة للقضاء، أما معادلة بعض الشهادات على الرغم من ان القضاء لم يقل كلمته الأخيرة بعد فيما لديه من طعون فدعني أؤكد أولا على اننا لا نعيد النظر في أي قضية مرفوع فيها طعن إلا اذا سحبت وتضمنت مستندات جديدة، وهذا ما تم في احد الملفات، في حين أن ملف آخر لم نعد النظر فيه نظرا لعدم سحب الطعن وقلنا لطالب التظلم عليك ان تنتظر قرار المحكمة. كذلك من بين الشهادات التي تمت معادلتها ملفات اعادتها لنا محكمة العدل العليا التي حكمت فيها لصالح الطاعنين في قرارات سابقة للجان عليا في عهد وزراء سابقين، فتمت المعادلة تنفيذا واحتراما لقرارات القضاء، حيث اننا وبكل الحالات اذا ما تعلق الأمر بإعادة النظر بشهادات سبق وأن كان فيها قرار قضائي، فإن أي قرار نتخذه يكون مبني على اساس الاستشارة القانونية وحتى استشارة المحكمة ".
وأضافت الدكتورة خوله الشخشير" كما أن من بين الشهادات التي تمت معادلتها بعد اعادة النظر فيها، شهادات كان اصحابها قد تخرجوا او سجلوا قبل صدور نظام المعادلة عام 2006 ، إنطلاقا من أنه لا يمكن ان نطبق عليهم النظام بأثر رجعي، وايضا معادلة شهادات لأشخاص درسوا لفصلين دراسيين حسب النظام للمعادلة ورغم ذلك لم يكونوا قد حصلوا على معادلة لشهادتهم. بالتالي ومن باب الشفافية والعدل، وحتى لا يشعر الشخص المتظلم انه قد ُظلم اعدنا دراسة تلك الملفات، فتمت معادلة كل الشهادات التي استوفت شروط المعادلة من بين الملفات المعاد النظر فيها".
من بين الملفات التي اعيد النظر فيها والتي تمت معادلتها أخيرا برغم رفض المعادلة في سنوات مضت، شهادة الدكتوراه للأستاذ المساعد في قسم المناهج وطرق تدريس اللغة الانجليزية في جامعة الأقصى في غزة، د.محمد عطية عبدالرحيم والذي قال" نظرا لعدم وجود حركة انسيابية بين مصر وغزة، واستمرار اغلاق المعبر مع مصر، وقعت عام2006 اتفاقية شراكة ما بين الجامعة وجامعة عين شمس في مصر، تتيح من خلالها للمدرسين في الجامعة اكمال دراساتهم العليا دون ان يتركوا وظائفهم أو أن يضطروا للإقامة في مصر 8 اشهر وفق النظام وأقرت وزارة التربية والتعليم العالي هذا البرنامج، فقدمت عبر الجامعة أوراق تسجيلي في منتصف عام2006 لنيل درجة الدكتوراه فتم تسجيلي، لكن بعد شهران جمّدت الوزارة البرنامج نظرا لما ادعته من تجاوز بخصوص عدد المسجلين، وبعد مرور 22 شهر على ذلك تم التوصل إلى اتفاق ما بين ادارة الجامعة والوازرة، فسلمتني الوزارة شهادة القيد(الذي حدد مدة 5 سنوات لنيل الشهادة، ويتيح سنة إضافية إن اقتضت الضرورة ذلك) فبدأت العمل على الشهادة".
ويتبع الأستاذ المساعد في جامعة الأقصى، والذي يناقش في ذات الوقت رسائل الماجستير في جامعات أخرى في قطاع غزة" لكن الوزارة اصدرت تعميما بأن من يناقش رسالة الدكتوراه بعد ايلول لعام2010 لن يتم الإعتراف بشهادته! الأمر الذي ينتهك حقي في الحصول على الفترة الـقانونية التي منحتني اياها شهادة القيد وهي حتى 2012، بالتالي كان قرارا تعسفيا وغير قانوني فمن اعطى الحق للوزارة اغلاق البرنامج قبل انتهاء الطلاب الذين وافقت على دخولهم في برنامج الدكتوراه من الفترة الرسمية، خاصة وأنني ناقشت أطروحة الدكتوراه في شهر أيار2011 وذلك قبل انتهاء شهادة القيد بـ3 شهور، فرفضت الوزارة معادلة شهادتي وشهادات 4 اشخاص آخرين، وحين قدمت الوزيرة الشخشير إلى قطاع غزة، التقيناها وتظلمنا لديها، فوجدت في تظلمنا وجه حق، عليه طلبت اعادة النظر في ملفاتنا وفعلا تمت معادلة شهاداتنا في شهر تموز2015".
وبالعودة إلى الوزيرة السابقة بخصوص ما قيل حول توسط مسؤولين ومتنفذين حاليين او سابقين لديها، ومن انها عادلت لهم شهادات سبق وأن رفضت معادلة بعضها في عهد وزراء سابقين، من خلال بند الاستثناء الممنوح للوزير، قالت" أنا لم اقم بمعادلة اي شهادات تحت هذا البند، ثم اذا ما كان الشخص يستحق المعادلة فلماذا يلجأ للتوسط؟ أو يحتاج إلى استثناء؟ علما أن معادلة شهادة المسؤول السابق بتت المحكمة فيها لصالحه، ناهيك عن أن ملفه نوقش أكثر من مره في عهد وزراء سابقين مع ديوان الرقابة المالية والإدارية، إذ وصلني منهم تقرير طلبوا فيه إعادة النظر في معادلة شهادات ما بين 3-4 ملفات، بعد قيامهم بفحص كل ملفات التعليم الجامعي بينها الملف ذلك المسؤول السابق، وهذا ما تم".
فما كان منا إلا ان توجهنا لديوان الرقابة المالية والإدارية بكتاب رسمي نطلب فيه كل ما يتوفر لديهم من معلومات حول ملف الشهادات العليا غير الفلسطينية نظرا لقيامهم بفحص جميع ملفات التعليم الجامعي، لكن الديوان اعتذر عن تقديم أي معلومات بالخصوص، نظرا لما قاله عن وجود تقرير رقابي يتم اعداده لهذه الغاية.
وبمعزل عن حيثيات الملفات التي استند من أجل معادلتها يبرز السؤال الأهم، وهو مدى قانونية اعادة النظر في شهادات سبق وأن رفضت معادلتها اللجنة العليا في سنوات مضت أو بت فيها القضاء برد الدعوى؟ خاصة وأن ذلك قد يصبح مدخلا لإعادة النظر في أي شهادة ترفضها اللجان مستقبلا أجاب القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي" بحسب النظام لا يجوز اعادة النظر في تلك القضايا إلا خلال الفترة القانونية للإعتراض وهي60 يوما، لكن القانون أجاز اعادة النظر في تلك الملفات إذا ما حصل المستدعي على قرار بذلك من محكمة العدل العليا، أو اذا احضر المستدعي أو أظهر مستندات ومعطيات جديدة لم تكن منظورة تثبت حقه في الحصول على المعادلة، حيث أن اللجنة العليا اتخذت قرارا يجيز للمواطن إعادة التظلم لدى الوزارة بخصوص رفض معادلة شهادته العليا حتى بعد انقضاء عدة سنوات على رفض المعادلة السابق وفق هذه الحالات فقط".
وهو الأمر الذي أكد عليه الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي د.أنور زكريا، والذي أضاف" أول سؤال يوجه لمدير عام التعليم الجامعي من قبل اللجنة العليا بخصوص ملفات يراد اعادة النظر فيها، إذا ما كانت هناك مستجدات أو اثباتات لم ترد فيما سبق، فإذا أكد ذلك يعاد النظر في تلك الملفات، وفي هذه الحالة إما ان تبقي اللجنة العليا على قراراها السابق، أو أن تعود عنه ( فيتم احاطة المحكمة علما بذلك ان ردت الطعن المقدم من قبل المستدعي) وهذا ما تم بخصوص الملفات التي اثير النقاش حولها، إذ لم يعاد النظر في كل تلك الملفات، وتم معادلة الملفات التي تتوافق مع النظام فقط ، وحتى في اجتماع اللجنة العليا الأخير، عرضت ملفات كانت قد رفضت سابقا، وتم اعادة النظر فيها بناء على ما افاد به مدير عام التعليم الجامعي من وجود مستندات جديدة طرأت على تلك الملفات، بالتالي فقرارات المعادلة لا تتم بشكل فردي، وأشير أيضا إلى انه وفي بعض الأحيان يكون هناك سحب لمعادلات إذا ما ثبت ان هناك خطأ ما".
إعادة النظر من قبل اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية في ملفات سابقة الرفض، لم تقتصر على تلك التي استجدت بها مستندات ذات وزن قانوني تدعم قبول اعتراضهم فحسب يقول مدير دائرة المعادلة في وزارة التربية والتعليم العالي أحمد عثمان" إلى جانب تلك الملفات تم ايضا اعادة النظر في قرارات أخرى جراء مستجدات لم تكن موجودة في الأنظمة السابقة مثل (النظام البولوني)، إضافة إلى ما تم من عمليات تصويبيه بناء على اعتراضات على قرارات اللجنة العليا قدمت فيها الوثائق متعلقة بقرارات سابقة تم من خلالها المعادلة لحالات والرفض لحالات اخرى مشابهة، وذلك لاعتماد اللجنة بالأساس على تفسير النظام، نظرا لأن النظام لم يعالجها صراحة".
اعتمدت وزارة التربية والتعليم العالي منذ نشاتها عام 1994 على التعليمات الأردنية المتعلقة بمعادلة الشهادات، وذلك إلى ان صدر أول نظام فلسطيني لمعادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية في عام 2006، والذي نص على ان مدة الإقامة 8 اشهر متواصلة لكل التخصصات. ثم صدر قانون التعليم العالي في العام1998، غير ان النظام رقم 3 لسنة 2014 والذي نشر في الوقائع الفلسطينية في ايار2014 قال انها 8 شهور او سنة دراسية(فصلين دراسيين كل فصل 16 اسبوع) لتخصصات العلوم الإنسانية والأدبية، بينما التخصصات العلمية المختلفة فمدة الإقامة سنتين(8 شهور لكل سنة دراسية)مع الإنتظام في الدراسة.
المستشار القانوني للإئتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) اشار ان الشكاوى التي تلقاها الائتلاف بخصوص الشهادات العليا غير الفلسطينية، كانت بمثابة جزء من المدخلات التي انطلقت منها أمان للبحث" حيث اجريت العديد من اللقاءات بالخصوص مع مسؤولين سابقين وحاليين إلى ان تم إصدار تقرير في منتصف العام الماضي حول (مستوى النزاهة والشفافية والمساءلة في معادلة الشهادات العلمية العليا في وزارة التربية والتعليم العالي)، عرض خلاله العديد من الإشكاليات الخاصة بمعادلة الشهادات غير الفلسطينية التي وصل بعضها إلى القضاء، من بينها تعامل ادارة التعليم الجامعي الجامد مع النصوص القانونية، وبالذات في بندي الإقامة والإنتظام وكيفية احتسابهما، (خاصة بالنسبة للجامعات التي لا يتطلب نظامها الانتظام فيها، لاعتمادها على انجاز اطروحة الدكتوراه) بالتالي نرى أنه لا يوجد أي معيار منطقي مستند اليه يقول ان على الطالب الإقامة والإنتظام 8 اشهر".
لكن عضو اللجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية الدكتور فادي قطان اشار بان الهدف من الإقامة والانتظام أكاديمي تعليمي" رغم ذكر القانون للإقامة إلا انه ركز على الانتظام، لكون ان الإقامة في بلد اجنبي لا تعني بالضرورة انه قد درس في هذه البلد، بالتالي ولأن الهدف أكاديمي تعليمي فإن الأساس هو الانتظام في الدراسة، إذ اشترط القانون الانتظام لفصليين دراسيين، أما ان كانا متتاليين او غير متتاليين فإن هذا أمر تحدده اللجنة، علما بأني مع عدم اشتراط ان يكونا متتاليين، فقد يضطر الطالب للإنقطاع لظروف معينة لفصل أو أكثر، ولا يعقل ان ارفض معادلة شهادت من انفق جهدا ومالا في دراسته لأنه عاد للوطن اثناء فترة الدراسة، ففي ذلك اضاعة لحقوق الناس، من هنا يجب النظر لروح القانون لا نصه ".
ورغم ان القانون أعطى الحق للجنة العليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية في أن تبت وأن تعالج القضايا التي لم يعالجها القانون او النظام وفق الأصول، إلا ان بعض المعايير غير الموثقة في الأنظمة الخاصة بمعادلة الشهادات العليا غير فلسطينية، وعدم وجود لوائح تنفيذية تسمح باختلاف التأويل والتفسير، وهو ما دللت عليه أمثلة عديدة عرضها لنا الدكتور معمر شتيوي "تم تعريف السنة الدراسية في نظام 2014 بانها لا تقل مدة الدراسة فيها عن 8 اشهر او فصلين دراسيين نصف سنويين او ما يعدلهما من مقررات او ساعات معتمدة، لكن النظام لم يذكر كم هوعدد تلك الساعات؟ ايضا نص الانتظام في الدراسة لمدة ستة عشر اسبوعا متواصلا بما فيها التسجيل والامتحانات، فهل يعني الانتظام كما جاء في النظام الإقامة؟ كما ذكر النظام ان التفرغ الفعلي يقصد به التفرغ الكامل للدراسة في الحيز الجامعي الذي يمنح الشهادة..إلخ، لكن الحيز الجامعي اليوم غير محدود بجغرافية محددة، إذ تسطيع اليوم الدراسة عبر النت. حتى نظام 2006 كان ينص على ان السنة الدراسية هي الفترة التي لا تقل فيها مدة الدراسة عن ثمانية اشهر متواصلة، لكن النظام لم يوضح ان ذلك قبل او بعد المناقشة؟".
كل هذه البنود وغيرها فضفاضة وضبابية سمحت بالتأويل والتفسير والاجتهاد من قبل اللجان المتعاقبة من 2006 لغاية الآن بحسب اطلاعي على محاضر اللجان السابقة، يؤكد الدكتور شتيوي الذي تسلم مهام عمله نهاية في شهر10-2014، " ودليل ذلك أن هناك من لم يحصلوا على معادلة في لجان سابقة وحصلوا عليها في اللجان الحالية والعكس صحيح! حتى ان محكمة العدل العليا كانت لها تفسيرات متناقضة في قضايا متشابهة في كل عناصرها ومكوناتها ، حيث حكمت مره لصالح المدعي ومرة ضده، وذلك لأن قراءة وفهم كل قاضي للنظام يختلف عن غيره نتيجة للضبابية في الأنظمة المعمول بها، الأمر الذي يبرز أهمية اللوائح التنفيذية إلى جانب النظام".
الضبابية التي سمحت بالتأويل واختلاف التفسيرات تقتصر على الشهادات الخاصة بالعلوم الإنسانية يقول الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي" الإقامة والانتظام واضحة بخصوص التخصصات العلمية فقد حددها القانون بمدة سنتين كاملتين، لكن بعض المشاكل أو اختلاف التفسيرات قد تحدث بما يتعلق بالشهادات الخاصة بالعلوم الإنسانية، علما ان الانتظام والإقامة محددة وفق النظام بفصليين دراسيين متتاليين، ما يعني عدم جواز المعادلة لشهادات عليا خارجية إذا ما تم جمع هذه المدة بصورة متقطعة حتى لو اقام هناك لمدة 3 سنوات مثلا".
لكن القائم بأعمال النائب العام الدكتور احمد براك يرى ان الجدية والبحث النوعي أجدى من الإقامة بما يتعلق بدراسة الماجستير او الدكتوراه لدى الجامعات الخارجية المعتمدة والمعترف بها " الموظف الذي يدرس دراسات عليا لا يستطيع ترك عمله واعالة اسرته من اجل ان يقيم في الدولة التي يدرس بها 8 اشهر ليتحقق شرط الإقامة، خاصة وأن الكثير من البلدان مع هذا التوجه، بالتالي فالعبرة بالجدية لا الإقامة، ناهيك عن أن من الواجب التعامل مع هذه الشهادات كما يتعامل معها البلد الأصلي، فالكفاءات النادرة التي نحتاجها في مختلف التخصصات لا تأتي من الأنظمة التي تراعي الأمور الشكلية ولا تراعي الأمور الموضوعية".
الدعوة إلى مراعاة الأمور الموضوعية لا الشكلية والتعاطي بروح القانون لا بنصه الحرفي، قد تبرز اهميته قضية الدكتور محمد سليمان احمد من نابلس المحاضر في جامعة القدس المفتوحة منذ العام2006، والذي رفضت وزارة التربية والتعليم العالي معادلة شهادة الدكتوراه التي حصل عليها من السودان ، حتى ان محكمة العدل العليا ردت طلبه رغم التزامه بقرار الانتظام والإقامة كما ادعى" في شهر آب2006 سجلت لشهادة الدكتوراه في كلية الدعوة والثقافة الإسلامية في جامعة ام درمان في السودان، واقمت في السودان عام2008تطبيقا لقرار الوزارة بضرورة الإقامة مدة 8 اشهر في فصلين متتاليين، وناقشت رسالة الدكتوراه بعد انتصاف المدة، وصادقتها في نهاية عام 2008 من اللجنة الخاصة في السودان، لكنني تفاجأت حين عدت برفض الوزارة لمعادلة شهادتي على اعتبار ان تاريخ الشهادة يجب ان يكون في نهاية المدة لا في منتصفها! ويبدو ان وزارة التربية والتعليم لا تعلم بأن الكثير من الطلبة هناك، يقومون بمناقشة رسالة الدكتوراه حال وصولهم إلى السودان، ويبقون رسالتهم الجاهزة في ادراجهم للفترة التي تسبق انتهاء المدة فيقوموا حينها بتقديمها للتصديق، وهذا ما لم افعله انا و10 آخرين، الأمر الذي دفعنا للطعن في قرار وزارة التربية والتعليم العالي في محكمة العدل العليا، ولكن للأسف تم رد الدعوة للسبب المذكور، بالتالي لا زلت آخذ علاوة ماجستير رغم اني حاصل على شهادة الدكتوراه!".
>>>>> يتبع