على الرغم من التوجهات المعلنة للحكومة الجديدة في الإصلاح بكافة القطاعات، أصدر الرئيس القرار بقانون رقم (7) لسنة 2024م بشأن تعديل قانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم (8) لسنة 2005م وتعديلاته. فهل يتوافق التعديل والغاية منه مع متطلبات الإصلاح؟! تتعارض التعديلات في القرار بقانون مع مبادئ الحكم الرشيد في قطاع الأمن، وخصوصاً مبدأ الإشراف والمتابعة المدني-السياسي على قوى الأمن الفلسطينية، حيث زاد الانحسار في الصلاحيات الممنوحة للحكومة، ووضعها بيد القائد الأعلى (الرئيس الفلسطيني) من خلال:
إلغاء منصب "مدير الأمن الداخلي"، ونقل صلاحيات تعيين المدراء العامين في قوى الأمن الداخلي إلى الرئيس، بعد أن كان ذلك ضمن صلاحية وزير الداخلية.
بات الحرس الرئاسي فرعاً رئيسياً إلى جانب الفروع الثلاثة (الأمن الداخلي، الأمن الوطني، المخابرات العامة)، كما وتمنح التعديلات جهاز الاستخبارات العسكرية وضعاً خارج سلطة الإشراف والمتابعة من قبل قائد الأمن الوطني.
منح التعديل صلاحية للرئيس بتمديد خدمة مدراء الأجهزة الأمنية حتى بعد بلوغهم سن التقاعد لثلاث سنوات إضافية، حيث ألغى السقف الزمني الأعلى لشغل قيادة الأجهزة الأمنية، الذي حدده القانون الأصلي بثلاث سنوات يجري تمديده لسنة إضافية واحدة فقط، ما يُتيح للمدراء العامين في الأجهزة الأمنية أن يشغلوا مناصبهم لسنوات طويلة دون أن يجري استبدالهم أو نقلهم.
منح التعديل تفويضاً تشريعياً للرئيس بإصدار أنظمة تنشئ بمقتضاها الهيئات ومديريات قوى الأمن، ويحمل هذا التفويض مخالفة صريحة للقانون الأساسي الفلسطيني، الذي يمنح اختصاص إصدار اللوائح والأنظمة لمجلس الوزراء.
وعليه، يوصي المنتدى المدني لتعزيز الحكم الرشيد في قطاع الأمن بإلغاء القرار بقانون بشأن تعديل قانون الخدمة في قوى الأمن الصادر مؤخراً في العام 2024، وتجميد أي تعديل جوهري على القوانين الأمنية إنْ لم يكن جزءاً من إصلاحٍ تشريعيٍ شاملٍ ومُحكم، يضمن:
تحقيق التطوير الهيكلي للمؤسسات وفق الأوليات الوطنية والاحتياجات الأمنية للمواطنين
حماية الحريات العامة والرقابة المدنية وضمان تبعية المؤسسة الأمنية والعسكرية للمرجعية السياسية
وتحقيق النزاهة ومأسسة نظم المساءلة وتطويرها في عمل المؤسسة الأمنية.