عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان جلسة نقاش للقرار بقانون بشأن إعفاء المواطنين والمكلفين في المحافظات الجنوبية من الضرائب ورسوم الخدمات والذي أصدره الرئيس محمود عباس في أبريل/نيسان الماضي، بهدف تقييم القرار ومراجعة مبرراته وآليات تطبيقه ومدى تأثيره على منظومة النزاهة والشفافية في إدارة المال العام، وعلى الجوانب الاقتصادية والإدارية والقانونية، وعلى حقوق الأفراد والخزينة العامة.
حضر الجلسة مختصون وخبراء من عدد من المؤسسات الرسمية ذات العلاقة ونقابة المحامين، جمعية مدققي الحسابات، إضافة إلى إعلاميين وممثلين عن الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة ومؤسسات المجتمع المدني ممن اعتبروا بغالبيتهم أن القرار يأتي في إطار الانقسام والمناكفات السياسية بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإدارة الأمر الواقع في قطاع غزة بهدف تحميل الأخيرة المسؤوليات المالية بسبب إصرارها على عدم السماح لحكومة الوفاق الوطني إدارة القطاع، خاصة في ظل الظرف الخاص الذي تمر به السلطة في الفترة الأخيرة وفقا لأحدث التقارير التي تفيد بوجود فجوة كبيرة بين الإيرادات والنفقات في الموازنة العامة والتي نتجت عن ضعف التمويل وعدم القدرة على فرض مزيد من الضرائب.
في حين اعتبر القائم بأعمال مدير الرقابة والتدقيق في وزارة المالية نزيه عبد الله أن القرار يأتي في اطار مساعدة وزارة المالية على معالجة أثار المرسوم الرئاسي رقم 18 لسنة 2007 بشأن إعفاء المحافظات الجنوبية من الضرائب والرسوم والذي خلق العديد من الإشكاليات في مجال التطبيق، وان القرار بقانون الحالي لا يتعلق بشأن سياسي وإنما لأغراض عملية ومهنية تخص وزارة المالية، وان الالتباس الحاصل قد يكون سببه تزامن الإجراءات التي تتخذها القيادة الفلسطينية ضد حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة مع صدور القرار بقانون موضع النقاش، حيث تهدف وزارة المالية إلى تحسين تدفق الإيرادات وتغطية عجز الموازنة لديها.
واتفق معظم الحضور على أن القرار يحمل صبغة سياسية ستترك نتائج سلبية تضر بمصلحة المواطن وتعزز الانقسام، متسائلين عن السبب الذي دفع إلى اتخاذه في هذا الوقت بالذات ما سيولد مشكلة أكبر يتضرر منها النسيج الاجتماعي الفلسطيني ويزيد الحساسية بين المواطنين بين شطري الوطن.
وفيما يتعلق بمدى شرعية القرار لفت الحضور إلى أن الواقع المستمر في قطاع غزة منذ عام 2007 ينفي حالة الضرورة التي نصت عليها أحكام المادة (43) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، والتي مفادها أنه يحق لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير إصدار قرارات لها قوة القانون دون عرضها على المجلس التشريعي، عدى عما يحمله القرار من إخلال بالقانون الأساسي من حيث تطبيق مبدأ المساواة بين المواطنين، مشددين على ضرورة ألا تلحق الخلافات السياسية والصراعات بين الأحزاب ضررا بالمال العام أو تترك أثرا على مصلحة المواطن كما شار الدكتور عزمي الشعيبي- مستشار ائتلاف أمان.
وفي ختام الجلسة دعا الحضور إلى البحث عن حلول لا تؤدي إلى الحاق الضرر بالمصلحة العامة أو تحمل المواطنين أعباء إضافية مطالبين بعدم التعسف في استخدام السلطة لخدمة طرف على حساب آخر ما يفتح المجال أمام الفساد السياسي الذي تقوم فيه الطبقة السياسية باستغلال سلطتها لاتخاذ قرارات تخدم مصالحها بغض النظر عن المصلحة العامة أو إمكانية استخدام المواطنين للضغط على الأطراف المتصارعة.
يذكر أن الرئيس محمود عباس كان قد أصدر مرسوما رئاسيا عام 2007، يقضي بإعفاء المواطنين في المحافظات الجنوبية من الضرائب والرسوم، أثار في حينه جدلا مجتمعيا حول مشروعيته كونه لا يستند لأحكام القانون، إضافة إلى فوضى تطبيقه من حيث الالتزام العملي به في قطاع غزة وإمكانية حدوث ازدواج ضريبي سينعكس على أسعار الخدمات والسلع للمواطنين، في حين أعفى القرار بقانون الذي صدر في أواسط ابريل نيسان من العام الجاري مواطني غزة من دفع الضرائب ورسوم الخدمات فقط دون أن يشمل ضريبة الدخل.