موقف الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة
الأثر المالي للقرار بقانون بشأن إحالة الضباط ممن هم برتبة عميد من قوى الأمن الفلسطيني للتقاعد المبكر
تستنزف فاتورة الرواتب والأجور أكثر من نصف الموازنة العامة، ناهيك عن أشباه الرواتب، وما يتم دفعه كتحويلات نقدية للعديد من فئات المجتمع، وفي ظل محدودية الإيرادات وقرصنة الاحتلال المستمرة لأموال المقاصة، ووجود فجوة مالية في الموازنة العامة 2025 بقيمة 6.9 مليار شيكل، أي ثلث الموازنة العامة؛ تواجه الحكومة الفلسطينية تحديات جسمية للوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي يدفعها لاتخاذ اجراءات عديدة تشمل دفع جزئي للرواتب منذ شهر 11/2021، وتقليص دوام العاملين بشكل جزئي، وغيرها من الإجراءات التي تمسّ في العديد من الأحيان حقوق العاملين، وفي جودة الخدمات المقدمة للمواطنين دافعي الضرائب، خاصة في القطاعات الخدماتية الحيوية مثل: التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية.
وانطلاقاً من أن أبرز الإشكاليات في الموازنة العامة تكمن في تضخم فاتورة الرواتب، وارتفاعها عاماً بعد عام رغم تقنين التوظيف، فقد قدم الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة والائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) للحكومة الفلسطينية ووزارة المالية العديد من التوصيات للعمل على تنقية فاتورة الرواتب، ومن ضمنها إقرار قانون التقاعد المبكر، بما يضمن العدالة الاجتماعية. قامت الحكومة الحالية فعلياً باتخاذ العديد من القرارات الهادفة لترشيد وضبط الإنفاق، من بينها إقرار الرئيس للقرار بقانون بشأن إحالة الضباط ممن هم برتبة عميد من قوى الأمن الفلسطيني للتقاعد المبكر من مواليد 1/5/1970 فأقل، ضمن محددات معينة.
وعلى ضوء القرار، والذي جاء بهدف إعادة هيكلة الموارد البشرية في قوى الأمن الفلسطيني، بما يتلاءم مع خطط تطوير الأجهزة الأمنية وعملها، وتخفيض فاتورة الرواتب، فإن الفريق الأهلي يدرج الحقائق التالية:
- تبلغ فاتورة الرواتب لقطاع الأمن بحسب موازنة العام 2025 (3.166) مليار شيقل، بما يشكل 36% من إجمالي فاتورة الرواتب، كما يبلغ عدد العاملين في الأجهزة الامنية قرابة 52 ألف منتسب منهم حوالي 1400 برتبة عميد.
- بحسب التقديرات الرسمية، فإن عدد الذين سيسري عليهم القرار قرابة 1000 شخص، تقدر تكلفة رواتبهم ونثرياتهم بحوالي 14 مليون شيقل شهريا، أي 168 مليون شيقل سنويا، ما يعادل 5% من فاتورة الرواتب لقطاع الأمن، أي قرابة 1.7% من فاتورة الرواتب.
- بحسب القرار، فإن هناك من سيسري عليهم القرار وهم في 55 أي أقل من عمر التقاعد، إضافة إلى من هم من مواليد 1/5/1970 فما دون، أي قبل بلوغهم سن الـ 60، وبالتالي تتحمل الخزينة العامة تكلفة المدة المكملة، أي الاشتراكات لصندوق التقاعد حتى بلوغ السن المذكورة، حيث جاء في المادة (5) البند (2) " تضاف المدة المكملة لبلوغ سن التقاعد الإلزامي للضباط المحالين إلى التقاعد وفق هذا القرار بقانون على الخدمة الفعلية، وتدخل في احتساب المعاش التقاعدي على أن لا تتجاوز نسبة الحد الأقصى للمعاش التقاعدي 80%، وتتحمل الخزينة العامة التكملة"، وبالتالي فإن هناك أعباء إضافية ستتحملها الخزينة تبعاً لإضافة المدة المكملة لسن بلوغ سن التقاعد، إلا أنها ضئيلة نسبيا.
- هناك أعباء مالية تقدر ب 120 مليون شيقل، وهي نهاية مكافأة الخدمة. فبحسب قانون التقاعد، يتقاضى الموظف عند بلوغه التقاعد مكافأة نهاية الخدمة، والتي يتم احتسابها كما يلي: ( 6% عن كل شهر *12 شهر* عدد سنوات الخدمة* الراتب المرجح وفق آخر 3 سنوات). حتى الآن، تم إحالة 850 شخص إلى التقاعد، تقدر مجموع أتعاب نهاية الخدمة لديهم بـ 120 مليون شيقل تبعا للمعلومات المتاحة، وهو مبلغ غير متاح في صندوق التقاعد، تبعا لأن وزارة المالية لم تقم بتحويل المساهمات الاجتماعية على مدار الأعوام بشكل منتظم، وبالتالي، فإن هذا المبلغ سيفاقم من الأزمة المالية، ويشكل أزمة إضافية على وزارة المالية. لذا، ومن أجل إنجاح خطة إصلاح منظومة الرواتب والأجور، يجب تسوية العلاقة ما بين وزارة المالية والهيئة العامة للتقاعد والمعاشات.
- على الرغم من أهمية القرار، إلا أن هناك حاجة أيضا لتطبيق القرار على من يحملون رتبة العقيد والمقدم والرائد لكونهم يشكلون نسبة كبيرة من قوى الأمن، وبالتالي، تتركز فاتورة الرواتب عند هذه الرتب ذات الأعداد الكبيرة، كونها رتب متقدمة ذات رواتب مرتفعة، مع ضرورة مراعاة وجود سنوات خدمة كافية، حتى لا ترهق الخزينة العامة في دفع فروقات لصندوق التقاعد والمعاشات.
- قدم القرار بقانون في المادة (4) "يستثنى من أحكام المادة (3) الواردة في هذا القرار بقانون الضباط ممن يحملون رتبة عميد، ويشغلون موقعا قياديا هاما على الهيكل التنظيمي بقرار يصدر عن القائد الأعلى لقوى الأمن الفلسطينية لهذه الغاية". وعليه، فإن هذا الاستثناء، دون تحديد معايير ضابطة، قد يتيح لقادة الأجهزة الأمنية صلاحية استخدام هذا الاستثناء وفق الأهواء أو الولاءات، أو لتصفية الحسابات، وبالتالي، توجد حاجة لضبط معايير الاستثناء ووضع معايير محددة ونزيهة وشفافة ومعلنة، لمنع أي شبهات فساد قد تحدث، أو إساءة للاستخدام، ولضمان العدالة وتكافؤ الفرص ولدرء تضارب المصالح.
- بلغت الالتزامات لصالح هيئة التقاعد والمعاشات الفلسطينية على الحكومة الفلسطينية 11 مليار شيقل، تبعا للبيانات الرسمية المعلنة مع استلام الحكومة الـ 19 مهامها في نهاية شهر 3/2024. وفي هذا الجانب، لا زال هناك غموض حول العلاقة المالية بين صندوق التقاعد ووزارة المالية من جانب الديون، كما أن ترحيل قرابة 1000 موظف أمن برتب عليا للتقاعد سيزيد من الأعباء على صندوق التقاعد، سيما أن وزارة المالية لا تقوم بتحويل الاشتراكات بشكل منتظم.
- بشكل عام، هناك حاجة للعديد من الإصلاحات لتخفيض فاتورة الرواتب دون المساس بمبدأ العدالة الاجتماعية، ودون المساس بحقوق الموظفين، بما يشمل تنقيـة فاتـورة الرواتـب مـن خلال إنهـاء مـا تبقـى مـن ظاهـرة الموظفيـن غيـر العامليـن، أو غير المسكنين على التشكيلات الإدارية المعتمدة. وفي هـذا السـياق، يجـب إمّـا تسـكينهم علـى هيـاكل مراكـز المسـؤولية الحيويـة، أو إمّـا إحالـة بعضهـم إلى التقاعد المبكـر، و/أو إنهـاء خدمـات بعـضهم الآخـر، بعد دراسة ملفاتهم بعناية. إضافة إلى اعتمـاد سياسـة ممنهجـة لتدويـر الموظفيـن؛ أي نقـل بعضهـم إلى مراكـز مسـؤولية أخـرى، علـى أسـاس الحاجـة، وتوفر الشاغر المناسب، ومواءمـة المؤهّـلات والخبرات، كذلك وقـف العمـل بسياسـة تعييـن موظفـين علـى عقـود عمـل مؤقتـة، أو مستشـارين وخبـراء، مـن خلال الاسـتثناءات، وقصْـر ذلك على قاعدة توفّر مخصّصات أو اعتمادات مالية مرصودة في الموازنة لهذا الغرض، تكون محددة بفترة زمنية، حيث لا يتم نقل موظفي العقود بالأولوية والأقدمية للوظائف الثابتة.