قال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي إن موازنات العراق منذ عام 2003 بلغت 850 مليار دولار بددتها ثلاثة أبواب للفساد.
لندن: قال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي في تصريح صحافي أرسل إلى "إيلاف" اليوم الاحد إن الكلام يكثر حاليا عن الفساد وهذا بالتأكيد موضوع الساعة، متسائلا: "ما هو الفساد؟ أهو السرقة والتلاعب الشخصي بالمال العام.. ام انه هدره بسبب النظم وقواعد الصرف والعمل والرقابة والتخطيط التي اعتادت عليها الدولة.. ام الاثنين معاً"؟
فأجاب الوزير وهو قيادي في المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم موضحا بالقول: "مالياً بلغ مجموع موازنات العراق 850 مليار دولار تقريباً، منذ 2003 وليومنا هذا، دون ذكر الموارد الاخرى ويجب النظر للفساد الذي تستبطنه هذه الارقام عبر 3 مستويات".
وأضاف شارحا: الاول، وهو الفساد الشخصي الذي يقدر البعض انه يستهلك 3% من مجموع هذه الارقام.. اي ان استغلال الموقع لتحقيق المنافع الخاصة، ان صحت التقديرات، استنزف 25.5 مليار دولار. وهذه مبالغ هائلة تعني ان ما يسرق بطرق الاحتيال والسحت الحرام لا يقل عن 2 مليار دولار سنوياً.. وهذه كارثة عظيمة يجب التصدي لها والحد منها للوصول إلى ايقافها.
وأشار إلى أنّه بحسب "منظمة المسح الدولي" و"الشفافية الدولية" فان العراق يحتل المرتبة السادسة او السابعة قبل الاخيرة بدرجة 16 من 100 دولة رغم ان هناك نقاشا طويلا حول المعايير التي تستخدمها هذه المنظمات.
وقال إن الثاني هو فساد النظام.. وهنا تستبطن المسألة امرين.. اولهما ترهل الدولة وتحولها إلى دولة رعاية اجتماعية (رعاية ضعيفة تكرس الكسل والاتكالية) وليست دولة خدمات عامة فتستهلك عبر موازنتها التشغيلية - ومعظمها رواتب واجور ومخصصات وتقاعد وسياسات دعم - للمزيد من الثروات مقابل القليل من الانتاج والخدمات.
وشدد على أن هذا هو فساد للنظام الذي استهلك ما لا يقل عن نصف مبالغ الموازنات المتعاقبة، اي حوالى 425 مليار دولار ولا يمثل العمل المنتج منها اكثر من 6% بقليل، محسوبة على أساس أن الاحصاءات تشير إلى أنّ العمل المنتج في الدولة لا يتجاوز 20 دقيقة في اليوم اي هناك هدر لما يقارب 94% من الموازنات.. وهذه تمثل اكثر من 400 مليار دولار.
وثانيهما سوء استخدام الاموال والتخطيط لها فلقد تراكم اليوم لدى وزارة التخطيط حوالى 9000 مشروع معطل قيمتها تقارب 300 مليار دولار ونسب التنفيذ فيها 5-90% لم تنجز في مواعيدها ومعظمها متأخر لسنوات، ما سبب ويسبب خسارة وتجميد وتآكل وعدم الاستفادة من اموال هائلة، ضائعة او معلقة بين المحاكم والمصارف والدعاوى المتبادلة بين دوائر الدولة والشركات والمقاولين.
وأوضح عبد المهدي ان الامر الثالث وهو ما تعطله البيروقراطية وقواعد عمل الدولة البالية وقراراتها واجراءاتها الارتجالية، والسلوكيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة التي تحجز طريق الانطلاق والتنمية.
وأضاف ان موازنات مجموعها حوالى 850 مليار دولار، خلال 12 عاماً، دون ذكر رؤوس اموال الاستثمارات الوطنية والاجنبية، ستعني، لو لم تحبس ويعرقل انطلاقها، لعوامل عديدة منها الثقافة والاجراءات المتشددة،.. ستعني لو ضخت إلى الاسواق ومواقع العمل والانتاج ترليونات الدولارات من قيم مضافة ومتولدة ومحركة ومضاعفة لدورات جديدة ومتعاقبة، والتي من شأنها اصلاح اي مجتمع مهما كان متخلفاً او متأخراً.. منوها في هذا المجال بأنّ مشروع مارشال لاعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية قد بلغ 15 مليار دولار للاعوام 1947-1951 وهذا مبلغ يعادل بالقيمة الحالية 148 مليار دولار اي تقريباً موازنة العراق (غير المقرة) لعام 2014 فقط.
وقد احتل العراق المركز 170 على المؤشر التابع لمنظمة الشفافية الدولية للعام الماضي 2014. وتعد هذه المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من برلين مقرا لها، دليلا سنويا لانتشار الفساد بين الأحزاب السياسية والشرطة والنظام القضائي والخدمات العامة في جميع البلدان.
ويأتي تصريح وزير النفط العراقي في وقت تتواصل في العراق منذ ثلاثة اسابيع التظاهرات ضد الفساد ونقص الخدمات الاساسية خصوصا الكهرباء داعية إلى معاقبة المسؤولين. ويتهم المتظاهرون وعدد من الناشطين المدنيين الطبقة السياسية التي تحكم البلاد بالفساد ونقص الخبرة في ادارة هذه الملفات.