جدل كبير اثاره تحقيق مصور عرض عبر شاشة "تلفزيون فلسطين" ، للزميل علي دار علي , حول استخدام المركبات الحكومية من قبل مسؤولين وموظفين في قضاء اغراض شخصية خارجة عن نطاق عملها الرسمي .
وكشف التحقيق عن استخدام المركبات الحكومية لاغراض شخصية في ساعات الليل بالاضافة الى استخدام السيارات لاغراض شخصية في الزيارات وقضاء الحاجيات الشخصية حتى اثناء ساعات الدوام .
ورصد التقرير احصاءا لعدد السيارات في بعض المكاتب والوزارات ، ولوحظ خلال التقرير ان عددا من السيارات يستخدمها سائقوها للاغراض الشخصية بتغطية من بعض مدرائهم في العمل.
يشار الى ان استخدام السيارات الحكومية للاغراض الشخصية يعد تحت بند اهدار المال العام .
في سياق ذي صلة سبق وأن بدات أمان حملاتها لمراقبة اساءة استخدام المركبات الحكومية منذ عام 2010 ولا زالت تعمل بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات، من اجل وقف هدر المال العام واستنزاف الخزينة، وجاء اهتمامها بعد تلقيها العديد من الشكاوى المتعلقة باستخدام المركبات الحكومية، التي يبلغ عددها ( 4300) سيارة مع المؤسسة العسكرية، و(1400) سيارة حكومية مدنية، وتصل تكلفتها السنوية الى ما يزيد عن ( 100 ) مليون شيكل تشمل المحروقات والتأمين والصيانة.
وكانت استقبلت أمان بارتياح كبير قرار مجلس الوزراء يوم 23/8/2010 بسحب المركبات الحكومية التي كانت تقدر حينها بألفين ومائة مركبة مدنية من عهدة كبار الموظفين في المؤسسات العامة، وحصر استخدامها للعمل الرسمي؛ وبالتالي توفير ما كان ينفق كوقود وصيانة من الخزينة العامة للسلطة الوطنية.
ولاحقا لذلك رحبا أمان أيضا بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء حول قرار اعادة تنظيم المركبات الحكومية، والذي تلي في اجتماع الحكومة يوم 1/2/2014، وجاء فيه "في إطار ترشيد النفقات والحفاظ على المال العام، قرر المجلس تكليف ديوان الرقابة المالية والادارية بإعداد تقرير حول إستخدام المركبات الخاصة بالدوائر الحكومية، وتقديمه الى رئيس الوزراء لاتخاذ ما يلزم من إجراءات بشأنه، وتكليف وزارة النقل والمواصلات بإعداد تصور شامل لتنظيم استخدام المركبات الحكومية، على أن يتضمن الآليات المناسبة لضمان حُسن استخدامها وفق الغايات منها، وتقديمه الى مجلس الوزراء خلال أُسبوعين من تاريخ هذه الجلسة، ليتسنى له اتخاذ المقتضى القانوني المناسب بهذا الخصوص .
رام الله - الحياة الجديدة- منتصر حمدان - قال وزير النقل والمواصلات، د.نبيل الضميدي، مساء امس، "ان ملاحقة المخالفين في استخدام المركبات الحكومية خارج اطار العمل الرسمي انتقلت من مرحلة تنفيذ حملات الملاحقة الى سياسة ممنهجة في عمل الوزارة للحفاظ على المال العام من الهدر"، موضحا ما تقوم به طواقم الوزارة من جهود في هذا الاطار ستتم مضاعفته في الفترة القليلة المقبلة لوقف النزيف المالي من الخزينة العامة بسبب انتهاكات القانون والاجراءات من قبل الموظفين ومسؤولين رسميين كبار.
وتعمل طواقم وزارة النقل المختصة في مراقبة حركة المركبات الحكومية، على مراقبة حركة 6000 مركبة حكومية تتبع لوزارات ومؤسسات رسمية وشبه رسمية، من اجل وضع حد لما وصف بـ"النزيف المالي" جراء استخدام هذه المركبات خارج اطار العمل الرسمي.
وكان تحقيق صحفي اجراه الزميل علي دار علي لصالح تلفزيون فلسطين، بث أمس، كشف عن تجاوزات خطيرة في استخدام المركبات الحكومية من خلال تصوير اصحابها وهو يقومون باستخدامها خارج ساعات الدوام لأغراض شخصية، في حين اظهر التحقيق مركبة مغطاة في موقف احدى الوزارات علما ان من يستخدمها يقوم باستخدام مركبة اخرى في التنقل. وقالت مصادر ان السيارة المذكورة مخصصة لأحد الوزراء.
وقال الضميدي لـ(الحياة الجديدة) : "نحن لا نستهدف الوزراء، كل ما يهمنا هو ضمان الاستخدام الأمثل لما يقدم لهم من امتيازات في سبيل خدمة المواطنين".
وأشاد الضميدي بالجهود الصحفية والاعلامية المحلية لممارسة اقصى درجات الرقابة الاعلامية على اداء السلطة التنفيذية باعتبار الصحافة هي السلطة الرابعة، مشددا في الوقت ذاته على أهمية تعزيز الانتقاد الايجابي والبناء في خدمة الوطن والحفاظ على المال العام.
وأيد الضميدي أهمية العمل بأسرع وقت لضمان تفعيل الرقابة الداخلية في جميع مؤسسات السلطة الوطنية باعتبار ان عملهم لا يقل أهمية عن اية دائرة من دوائر العمل الرسمي. وقال: "يجب تفعيل الرقابة الداخلية في كل المؤسسات لأن الكشف عن مثل هذه التجاوزات يؤكد وجود ضعف في الاداء الرقابي الداخلي ويستوجب التوقف عنده لتفعيل عمل هذه الوحدات".
من جانبه قال مدير عام دائرة النقل الحكومي في وزارة النقل والمواصلات، محمد الحلاق لـ (الحياة الجديدة): "اذا ما اجرينا مراقبة على ما نسبته 10% من حركة هذه المركبات المخالفة للقانون من خلال تسييرها خارج اطار العمل الرسمي فاننا نتحدث عن ملايين الشواقل التي تهدر شهريا بلا مبرر وخارج اطار القانون". واوضح الحلاق: "لنفترض ان هناك 1000 مركبة يتم استخدامها خارج اطار العمل الرسمي بمصروف 50 شيقلا في اليوم فاننا نتحدث هنا عن 50 ألف شيقل أهدرت على الخزينة في ساعات محدودة بعد الدوام الرسمي يوميا ما يعني اننا نتحدث عن مليون ونصف المليون شيقل شهريا و18 مليون شيقل سنويا".
واضاف:" اننا نتحدث عن الحد الأدنى للمصروفات دون حساب الصيانة والتصليح وهذا يؤشر الى مدى النزيف القائم في استخدام هذه المركبات والتي في حال ضبطها يعني تسليح السلطة الوطنية بأموال يمكن استخدامها لسد احتياجات اخرى مثل مستحقات أسر الشهداء وبناء المستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون".
وكان الضميدي اصدر تعليمات للبدء الفوري باتخاذ كافة الاجراءات المطلوبه لضمان استخدام المركبات الحكومية للعمل الرسمي فقط، مؤكدا ان قرار رئيس الوزراء بشأن ضبط وتنظيم عمل المركبات الحكومية واضح وصريح وهو الحفاظ على المال العام واتخاذ كل السبل للتقنين والتخفيف من عبء الخزينة العامة، حيث ان قطاع النقل الحكومي بحاجة ماسة إلى المزيد من آليات التقنين والترشيد بهدف استخدام المركبات الحكومية للغرض الذي خصصت من اجله، كما أكد الضميدي أنه لن يسمح لأي جهة أو فئة من الموظفين استغلال مركبات العمل الرسمي لأغراض شخصية تخرج عن نطاق العمل الحكومي.
وأشار الحلاق الى ان دوريات النقل الحكومي باشرت عملها لضبط المركبات الحكومية المخالفة لتعليمات رئاسة الوزراء ووزارة النقل والمواصلات، مؤكدا ان الأيام القليلة القادمة ستشهد تكثيفا للزيارات والدوريات الميدانية بالتعاون مع شرطة المرور.
وناشد الحلاق كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية الالتزام بقرار مجلس الوزراء القاضي بتنظيم استخدام المركبات الحكومية تحت طائلة المسؤولية القانونية.
واكد الحلاق ان تنفيذ هذه السياسة في وقف هدر المال العام يساهم في تعزز ثقة المواطن بالسلطة الوطنية حينما يشعر بأن المال العام محمي من التلاعب خاصة في اوساط المواطنين الفقراء الذين يعانون من تردي الأوضاع الاقتصادية، مشددا في الوقت نفسه على أهمية تعزيز الرقابة الذاتية في اوساط الموظفين وتفعيل الرقابة الداخلية في مؤسسات السلطة الوطنية جميعها.