برلين/ رام الله: أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها الأخير الذي يقيم مدى تطبيق شفافية المستفيدين الحقيقيين في ثماني دول بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، وتونس. وأوضح التقرير أن هناك تقدمًا ملحوظًا نحو كشف هوية الأفراد المستفيدين الفعليين من الشركات والصناديق الائتمانية، إلا أن ثغرات كبيرة لا تزال تسمح بتدفق الأموال المشبوهة واستمرار الفساد في المنطقة.
ويتناول تقييم الشفافية الدولية مجموعة من الركائز الأساسية لنجاح إطار الشفافية، ويشمل ذلك وجود تعريف واضح للمستفيدين الحقيقيين، وإجراء تقييمات منتظمة للمخاطر، وتوافر معلومات ملكية دقيقة للشركات والصناديق والتحقق منها، إضافة إلى الالتزام بمكافحة غسل الأموال وتعزيز التعاون المحلي والدولي، مع حظر أدوات مالية شائعة مثل الأسهم لحاملها والمرشحين، بما يسهم في تعزيز وضوح العمليات المالية ومنع التلاعب.
الوضع في فلسطين
أظهر التقرير أن جهود تعزيز الشفافية في فلسطين حققت خطوات ملموسة لكنها لا تزال تواجه تحديات عملية. فقد سمحت السلطات بتبادل المعلومات بين الجهات المختصة، ما يتيح متابعة الأموال المشبوهة ضمن نطاق محلي محدود. ومع ذلك، لا توجد سجلات مركزية شاملة للمستفيدين الحقيقيين، ويظل التحقق من البيانات وتحسين دقتها إجراءً جزئيًا. وأشار التقرير أن ضعف التعاون الدولي في تبادل البيانات يحد من قدرة السلطات الفلسطينية على تتبع الأموال المتدفقة عبر الحدود، وهو أمر بالغ الأهمية لمنع تهريب الأموال أو استخدام شركات وهمية خارج فلسطين.
أمان: تعديل القانون لإلزام الشركات بنشر أسماء المالكين والمستفيدين الحقيقيين
تتوافق نتائج التقرير مع توصيات ائتلاف أمان، الذي دعت إلى تعديل قانون الشركات لإلزام الشركات بنشر أسماء المالكين والمستفيدين الحقيقيين، معتبرًا أن ذلك حق للمواطنين للاطلاع على المعلومات المتعلقة بالشركات. وأوضح الائتلاف أن القانون الحالي، المتمثل في قرار بقانون الشركات رقم 42 لسنة 2021، لا يلزم الشركات بنشر أسماء المالكين الحقيقيين، مما قد يؤدي إلى عدم القدرة على كشف حالات تضارب المصالح واستغلال المناصب، ويضعف العدالة والتنافسية بين الشركات، ويزيد من مخاطر التهرب الضريبي وغسيل الأموال الناتج عن جرائم الفساد.
محاور التركيز وفق التقرير
يشير التقرير إلى أن الدول الثماني تحتاج إلى التركيز على ثلاثة محاور رئيسية لتعزيز شفافية المستفيدين الحقيقيين. المحور الأول يتمثل في إجراء تقييمات المخاطر الوطنية بشكل دوري لضمان رصد الثغرات المحتملة. المحور الثاني يشمل ضمان الوصول إلى بيانات دقيقة من خلال سجلات مركزية للمستفيدين الحقيقيين مع تحديث مستمر والتحقق من صحتها. أما المحور الثالث فيتمثل في تسهيل التعاون المحلي والدولي بين السلطات لتعقب الأموال المشبوهة ومنع تهريبها، ما يعزز قدرة الدول على مكافحة الأنشطة المالية غير القانونية بكفاءة.
توصيات منظمة الشفافية الدولية
توصي المنظمة الحكومات، بما فيها فلسطين، بمأسسة التقييمات الدورية للمخاطر ومشاركتها مع الجهات المعنية، وإنشاء سجلات رقمية مركزية للمستفيدين الحقيقيين لضمان معلومات دقيقة ومتاحة للجهات المختصة، وفرض التحقق من البيانات من قبل سلطات التسجيل لضمان دقتها وحداثتها. وتشمل التوصيات تسجيل الصناديق الائتمانية المحلية والأجنبية لتجنب إخفاء الثروات، وإزالة العقبات التي تعيق الوصول إلى معلومات المستفيدين الحقيقيين واستخدامها بشكل فعال. كما تؤكد المنظمة على دور المجتمع المدني والصحافة في مراقبة المعلومات لضمان الشفافية ومساءلة المسؤولين.
خلص التقرير، الممول من الاتحاد الأوروبي في إطار مشروع "الشفافية الآن"، وبالشراكة بين الشفافية الدولية ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة (UNICRI)، إلى أن التقدم الحالي في المنطقة واعد لكنه غير كافٍ. ويؤكد التقرير أن استمرار العمل على سد الثغرات سيعزز مكافحة الفساد ويحمي شعوب المنطقة من آثار استغلال الموارد العامة، خصوصًا في فلسطين حيث يتطلب الأمر تنسيقًا قويًا بين السلطات المحلية والدولية لضمان متابعة الأموال المشبوهة ومنع تهريبها.
لتحميل تقرير الشفافية الدولية إضغط هنا