ورقة موقف
تصريح بالقتل: تتجاهل الدول من الأطراف الثالثة مسؤوليتها الدولية تجاه
منع الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل للقواعد الآمرة
التاريخ: 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2023
خلال الأيام الستة الماضية؛ استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة العشوائية والمفرطة وغير المتناسبة في المناطق السكنية المكتظة بالسكان في قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1200 فلسطيني وإصابة 5000 آخرين، حتى الساعة 10:00 مساءً، من 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023. كما تواصل "إسرائيل"، السلطة القائمة بالاحتلال، احتلالها وعدوانها غير القانونيين المستمرين منذ 56 عامًا على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتفرض نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني لإخضاع السكان الفلسطينيين وإجبارهم على التهجير، وذلك بعد أن ضمت القدس ومساحات واسعة من الضفة الغربية باتت تعرف باسم "المنطقة ج". وفي غزة، أدين الحصار الخانق، والإغلاق المشدد الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ 16 عاماً، والذي أدى إلى شل الاقتصاد والبنية التحتية في قطاع غزة، باعتباره عقاباً جماعياً. ومع ذلك، في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، عن حرب شاملة: "إننا نفرض حصارًا كاملاً على [غزة]. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود - كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونحن نتصرف وفقا لذلك”.
من الواضح أن هذا الصراع الدولي المسلح المستمر منذ عقود من الزمن لاستعمار فلسطين صراع غير متكافئ، حيث إن القدرات العسكرية الإسرائيلية تتجاوز بكثير قدرات حماس وغيرها من الجماعات المسلحة التي تعمل في قطاع غزة. وعلى وجه الخصوص، تتمتع إسرائيل بحماية ضد صواريخ حماس بفضل نظام القبة الحديدية. ويتجلى عدم التماثل أيضًا في التفاوت المثير للقلق في الإصابات على مدار العقد بين عامي 2010 و2019، حيث سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مقتل 3,624 فلسطينيًا و203 إسرائيليين، وإصابة 103,207 فلسطينيًا و4,642 إسرائيليًا.
ويمكن الاستدلال على نية المسؤولين الإسرائيليين في مواصلة تعظيم الأضرار والإصابات للفلسطينيين من خلال تصريحاتهم: على سبيل المثال، وعد رئيس الوزراء نتنياهو بتحويل غزة إلى "أنقاض"، في حين أن اللواء غسان، منسق الحكومة في إسرائيل، أعلن مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT) عن الحصار الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة قائلاً: "أردتم الجحيم، سوف تحصلون على الجحيم... لا كهرباء ولا ماء، مجرد أضرار".
على الرغم من خطورة الوضع وفداحة تصريحات إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية، والتي بدأ تنفيذها فعلا من الآن، وبينما تعيد إسرائيل شاحنات الغذاء وتقطع إمدادات المياه عن غزة، فإننا مصدومون إزاء الخطاب الأحادي الجانب والمعايير المزدوجة التي رأيناها بين الدول الغربية: دعم إسرائيل وتسليط الضوء على الخسائر البشرية في إسرائيل، مع إغفال ذكر المحنة الأليمة للمدنيين الفلسطينيين، الذين قتلوا وتشوهوا بسبب الأعمال الانتقامية العسكرية الإسرائيلية العشوائية.
ومع هذا كله، أصدرت الولايات المتحدة مع بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا بيانا مشتركا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023 شجبت فيه علنا هجمات حماس وتعهدهم في "ضمان تمكين إسرائيل من الدفاع عن نفسها"، ما يمنح إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الضوء الأخضر بالكامل لاستخدام القوة الوحشية على نطاق واسع في كافة أرجاء قطاع غزة، حيث يعيش 2.2 مليون نسمة نصفهم من الأطفال.
وتبعت هذا البيان وعود أخرى صادمة وغير مسبوقة، حيث قررت كل من الدنمارك والنمسا تعليق مساعداتهما لفلسطين، بينما تنظر كل من السويد وألمانيا في إمكانية تعليق تمويلهما. وبشكل خاص، أعلنت وزيرة التنمية الألمانية اسفنجا شولتز، أن هذه الهجمات على إسرائييل تشكل "كسرا بالغا" وأن حكومتها "سوف تراجع الآن مجمل عملها في الأراضي الفلسطينية". وأكد مسئول ألماني آخر أن على الاتحاد الأوروبي "الآن أن يقول: نحتاج لبداية جديدة ولن نمول الإرهابيين بعد الآن." وبذات الشاكلة، المفوضية الأوروبية، وهي من أهم المانحين للمساعدات التنموية، تفكر في تعليق مساعدتها المالية لفلسطين.
ومن المثير للدهشة أن أياً من هذه التصريحات تقريباً لا يلمح إلى حقوق الإنسان للفلسطينيين وإلى قواعد القانون الدولي سوى توسيع بعيد المدى ومناف للعقل وللحق في الدفاع عن النفس خارج حدوده القانونية. ويشير البيان المشترك المذكور بإيجاز إلى "تطلعات الفلسطينيين المشروعة" ودعم "تدابير متساوية من العدالة والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء". ومع ذلك، فمن الواضح أن هذه الاعتبارات، من وجهة نظر هذه الدول، تصبح باطلة مراعاة لإسرائيل، وما يسمى بالمخاوف الأمنية لسلطة الاحتلال، والتواطؤ في الحفاظ على الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية وإطالة أمده.
إن هذا البيان المشترك معيب على مستويين رئيسيين. أولا، إنه يتجاهل تماما الأسباب الجذرية للصراع. حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الأخرى هي نتاج الاحتلال الإسرائيلي العدواني الذي بدأ عام 1967، ويشكل هذا الاحتلال انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة، وهو استخدام غير قانوني للقوة ما زال متواصلا حتى يومنا هذا. ولم تكن هذه الحركات موجودة قبل ذلك. علاوة على ذلك، قامت إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية بحكم الأمر الواقع وبحكم القانون، في انتهاك للقواعد القطعية للقانون الدولي، بما في ذلك حظر استخدام القوة وإنكار حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقه في تقرير المصير. علاوة على ذلك، فإن قطاع غزة مكتظ بالسكان اللاجئين الذين أجبرتهم القوات الإسرائيلية على النزوح من منازلهم في العام 1948 (النكبة)، والذين حرموا من حقهم في العودة إلى ديارهم وبقوا لاجئين منذ ذلك الحين.
ثانياً، إن تصوير الهجوم العسكري الإسرائيلي باعتباره ممارسة لحقها في الدفاع عن النفس ينكر الحقيقة: فإسرائيل تحتل بالفعل الأراضي الفلسطينية في سياق صراع دولي مسلح مستمر. تعمل إسرائيل على تعزيز نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الاستعماري الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحاول نقل الفلسطينيين قسراً من غزة، بما في ذلك من خلال بيئات قهرية، من أجل الاستيلاء تدريجياً على المزيد والمزيد من أراضي فلسطين التاريخية. تنتهك هذه الأفعال القواعد الآمرة للقانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب تتمثل في النقل القسري وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في التهجير والاضطهاد والفصل العنصري.
في ضوء ما سبق، فإننا نحث الدول من الأطراف الثالثة على التعاون لإنهاء الحالة التي تسبب بها انتهاك إسرائيل المتواصل للقواعد القطعية في القانون الدولي[1]. وتشتمل التزامات الدول الثالثة أيضا على الإحجام عن المساعدة في مد أمد هذا الوضع غير المشروع[2] ، ويحدث هذا في وقت بدأت فيه الدول المشاركة في البيان المشترك بإرسال عداد عسكري إلى إسرائيل. وعلى الدول كذلك التزام بالتعاون لوضع حد لهذا السلوك غير المشروع، بدلا من إطالته وتبييض الاحتلال غير الشرعي المطول والقوة العدوانية تحت ستار "الدفاع عن النفس".
علاوة على ذلك، قد تقوم الدول الثالثة بتوفير معدات عسكرية لاستخدامها في جرائم الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك "عمليات القتل العمد"[3]، و"التسبب عمدًا في معاناة شديدة أو أذى خطير للجسم والصحة"[4]، و"التدمير والاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع، دون أن تبرره ضرورة عسكرية،" ونُفذت بشكل غير قانوني وتعسفي"[5] و"تعمد استخدام تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة"[6]. وسبق أن تم إثبات هذه الجرائم بشيء من التفصيل من قبل المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، التي فتحت تحقيقا بناء على “أدلة دامغة” على الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية والسلطات الإسرائيلية فيها.
كذلك، فإن الأعمال الإجرامية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تشكل عقوبة جماعية محظورة، حيث إنها تستهدف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بسبب أعمال سابقة نسبت لحماس. إن القتل العمد والعقوبات الجماعية تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة. وبفشلها في وقف الهجوم الحالي على قطاع غزة، فإن الدول الثالثة تنتهك التزاماتها باحترام وضمان احترام القانون الدولي الإنساني، وتطيل أمد حرب عدوانية، وتنكر على الشعب الفلسطيني حقه الجماعي بممارسة تقرير المصير الخارجي والاستقلال عن الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني.
منظمات المجتمع المدني
مؤسسة فيصل الحسيني |
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية - الشبكة |
مركز دراسات المرأة |
فلسطينيات |
الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان |
مؤسسة عبد المحسن القطان |
مركز المرأة للمساعدة القانونية والإرشاد |
الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) |
منتدى شارك الشبابي |
مساواة – المركز الفلسطينية لاستقلال القضاء والعمل القانوني |
المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) |
مركز إعلام حقوق الإنسان والديموقراطية (شمس) |
مركز القدس للمساعدة القانونية |
مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات) |
جميعة المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية |
الاتحاد العام للمراكز الثقافية |
اتحاد لجان المرأة الفلسطينية |
المبادرة الفلسطينية لتعزيز الحوار العالمي والديموقراطية - مفتاح |
بيالارا |
مركز بيسان للبحوث والإنماء |
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان |
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان - غزة |
مركز الميزان لحقوق الإنسان |
الحق "القانون من أجل الإنسان" |
اتحاد لجان العمل الزراعي |
مرصد العالم العربي للديموقراطية الانتخابات (المرصد) |
شبكة وطن الإعلامية |
[1]مشاريع مواد بشأن مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا، لجنة القانون الدولي (2001)، المادة 41 (1).
[2] مشاريع مواد بشأن مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا، لجنة القانون الدولي (2001)، المادة 41 (2).
[3] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، المادة 8 (2) (أ) (ط).
[4] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، المادة 8 (2) (أ) (3).
[5] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، المادة 8 (2) (أ) (4).
[6] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، المادة 8 (2) (ب) (25).