الصحافة الاستقصائية

إتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي.."التفاصيل" حبل نجاة للمطلوبين

إتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي.."التفاصيل" حبل نجاة للمطلوبين

تقرير: هيثم الشريف- الحـال

عام1983، انضمت فلسطين إلى اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، وهي اتفاقية وافق عليها مجلس وزراء العدل العرب بجميع اعضائه ما عدا مصر وجزر القمر.
وبموجب بنود الإتفاقية، بتم التعاون القضائي المتعلق بتسليم المطلوبين بين الدول وفق الإجراءات الواردة في الإتفاقيات الدولية أو الإقليمية أو الثنائية، وقد حلت الإتفاقية بالنسبة للدول التي صادقت عليها محل ثلاث اتفاقيات عربية كانت ابرمت عام 1952 في نطاق جامعة الدول العربية في عدة ابواب من بينها تسليم المجرمين، وهو ما سنحاول تسليط الضوء عليه هنا.

شروط قانونية

المستشار القانوني لمؤسسة الحق المحامي ناصر الريس،عرض بعض بنود الإتفاقيةوآليات التعامل بها"لم تصنف الإتفاقية الجرائم التي يتم طلب الإسترداد بموجبها، لكنها حُصرت بالجرائم الجنائية، كذلكلا شروط شكلية بتلك الطلبات، وإنما هناك شروط قانونية قصد منها إعطاء الضمانات للشخص المطلوب، كأن يحوي ملف طلب الإستردادعلى قرار محكمة، وأن تتم المطالبة من جهة رسمية حددها بوزارة العدل، علما أن للمحكمة المختصة في الدولةمتلقية الطلب حق البت بتلك الطلبات، بعد أنتتأكد من صحة الوثائق و سلامة الإجراءات القانونية،قبل ان يتم الرد سواء بقبول أو برفض طلب التسليم".

كما عرضالمستشار القانوني لمؤسسة الحق أهم الأسباب التي قد ترفض الدول بموجبها تسليم المطلوبين" الإتفاقية أعطت الحق للدول الأطراف وبعبارة فضفاضة أن ترفض الطلبات إذا ما كان تنفيذها يشكل مساسا بسيادتها أوأمنها او النظام العام، أو إن كان المتهم محكوم بالإعدام مثلا والدولة المطالبة بالتسليم لا تطبق هذا النوع من العقوبة، أو إذا ما كان الحكم الوارد في الطلب مخالفا للشريعة الإسلاميةبالنسبة لبعض الدول، أو إذا ما شعرت أنه قد يمارس على المطلوب التعذيب أو الإكراه، فبالتالي قد ترفض الطلب إنطلاقا من التزامها بحماية وحصانة حقوق الإنسان، على اعتبار أن الأساس الذي تستند عليه تلك الدولة هي اتفاقية التعذيب  قبل أي اتفاقية أخرى، كما أن المسألة الأهم من حيث الواقع والممارسة العملية، أن الدول العربية لديها إشكالية ليست فقط بإحترام الإتفاقية وإنما في احترام القانون عموما، فلو حدثت اشكالية سياسية بين ي دولة وأخرى، فأول وسيلة تمارسها هي تعطيل كل المسائل القانونية التي من الممكن أن تحدث بين الجهتين سواء أكانت جنائية أو غيرها!".

إجراءات بطيئة

وحول إذا ما احتوت بعض طلبات الإسترداد التي تتكفل النيابة العامة بتجهيزها فنيا من واقع البيانات والملفات التحقيقية التي بحوزتها،على اشكاليات شكلية أو فنية قد تكون ادت لسقوط بعض تلك الطلباتقال النائب العام المساعد الدكتور أحمد براك "لا يمكن رد الطلب شكلا وإنما موضوعا،فحتى  لو كان هناك نواقص تتم عملية استيضاح واستيفاء لتلك النواقص، لكنني أشير لأهمية أن يكون هناك مرونه في الإجراءات التي تتم بين الدول، حيث أن الوقت الطويل نسبيا الذي تستغرقه  المحكمة لتدارس طلبات استرداد الأشخاص على أراضيها، وكثرة الجهات الرسمية التي لها علاقة بالموضوع، أمر قد يساهم في هروب المجرمين قبل اتخاذ القرارات بحقهم".

قرارات غير ملزمة

لكن رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي عيسى ابوشرار أكد أنللمحكمة السلطة التقديرية في ان توقف الشخص المطلوب أو أن تمنعه من السفر خشية ان يفر من تلك الدولة نظرا لما قد تسغرقه من وقت للبت في طلب الأسترداد المقدم لها، علما أنحق البت يؤكد أن القرارات الواردة في طلبات الإسترداد غير ملزمة" الحاجة لقرار محكمة من تلك الدولة، يتفق مع العدالة وحقوق الإنسان، فلا يجوز لأي دولة تسليم شخص فار لمجرد أنه مطلوب،لذا فالمحكمة تطلع وتفحص الوثائق والادلةوالبينات التي وضعتها النيابة العامة،والتي  تؤيد ارتكاب الشخص للجريمة، فإذا ما وجدت ما يستوجب في الملف تسليمه وإلا فتقرر عدم تسليمه، خاصة إذا ما كان المتهم الفار المطلوب للعدالة يحمل جنسية تلك الدولة وهذه مشكلة، حيث أن هناك قاعده فقهية ومبدأ دستوري يقول أن الدولة لا تسلم رعاياها، وهنا فيما إذا ما تقرر محاكمته لأن الجرم الذي قام به يعاقب عليه قانون الدولة التي يقيم فيها، فتحتاج المحكمة في هذه الحالة لتحقيقات وأدلة جديدة، حتى أنه قد يتم طلب الشهود من الدولة التي قدمت طلب الإسترداد أو الأستناد إلى محاكمها في الإستماع إلى شهادة الشهود وتراسلهم ".

ولا تقتصر إشكاليات الإتفاقية في اسباب رفض طلبات التسليم، لكنها تمتد بحسب رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق إلى مدى قانونية الإتفاقية برمتها" منظمة التحرير الفلسطينية  وقعت على الإتفاقية وهي في المنفى، ولكي تصبحالإتفاقية بمثابة قانون وملزمة يجب أن يصادق عليها مرة ثانية وان تقر ثمتنشر في الجريدة الرسمية، فالقاعدة القانونية تنص بانك لا تستطيع ان تخاطب إنسان أو أن تكلفه بقاعدة قانونية إن لم يكن لديه علم بها".

إزدواجية الجنسية

من جانبه تحدث  مدير عام ديوان رئيس هيئة مكافحة الفساد سعيد شحادة عن الآليات المتبعة لبناء ملفات طلبات الإسترداد بخصوص الفارين والهاربين المرتبطة ملفاتهم بقضايا الفساد تحديدا"هناك لجنة مشتركة وعلاقة تكاملية ما بين كل الجهات المتابعة لمثل هذه الطلبات كوزارة العدل والخارجية والداخلية والنيابة العامة، مع ذلك فالقضايا المرتبطة بقضايا الفساد  نحن من نجهزها وفق معايير محددة وواضحة، ثم نرسلها لوزارة العدل من أجل تحضير وارسالالطلب للدولة المعنية ،أما ما يتعلق بطلبات استرداد المطلوبين من دول أجنبية فإننا نتبع طريقتين، الأولى وفق الإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، لكون أن الدول الأعضاء في هذه الإتفاقية تستطيع المخاطبة مباشره لهيئات مكافحة الفساد  في الدول الأخرى عبر القنوات الرسمية، أما الطريقة الثانية فعبر الإتفاقيات الثنائية ما بين الدول مع بعضها البعض لملاحقة المجرمين. وبكل الحالات فإن معظم الدول تعاني من مشكلة إزدواجية الجنسية الواردة في بنود اغلب تلك الإتفاقيات".

وحول عدد طلبات الإسترداد  لمتهمين في قضايا الفساد خارج الوطن حتى الربع الأول من العام الجاريقال مديرعام ديوان رئيس هيئة مكافحة الفساد " مجمل طلبات الإسترداد المقدمة بخصوص فارين مطلوبين في قضايا فساد موجودين في دول عربية وأجنبية بحسب سجلاتنا لا تتجاوز 10 طلبات،  وكل قضية من تلك القضايا الموجودة في محكمة  جرائم الفساد حدد فيها مقدار المبلغ المختلس أو المطلوب إسترداده أو الغرامة، فيما عدد القضايا المحكوم فيها غيابيا (4) بخصوص فاسدين فارين خارج الوطن".

وبالتوجه إلى وزارة العدل ، فقد قالت الوزارة أنها لم تحصر لغاية الآن أعداد طلبات الإسترداد التي لديها أو تلك المرفوعة لدول عربية أو أجنبية.
من جهته قال الدكتور عزمي الشعيبي مفوض الإئتلاف من أجل النزاهة والمساءلة(أمان) ممثل فرع فلسطين في منظمة الشفافية الدولية، أنه بجري العمل في الأطار الدولي على موضوع(لا للإفلات من العقاب) والذي من أسبابه هروب الأشخاص لدول لا يكون معها تعاون بخصوص متابعة التحقيقات وتسليم المجرمين واسترداد الأموال.


[email protected]

go top