آخر الأخبار

لبنان: إقرار حق الوصول للمعلومات قريباً.. وحلول مبتكرة لمكافحة الفساد

لبنان: إقرار حق الوصول للمعلومات قريباً.. وحلول مبتكرة لمكافحة الفساد

بقلم: ناريمان الشمعة
يكاد لا يمرّ يوم دون أن يتطرق الإعلام لقضية فساد, فأمسى الفساد واقعاً معاشاً لدى اللبنانيين, ومن شرّ ما أنتجه هو ثقافة تقبله أو مبدأ اللامبالاة, فبتنا نجد من لايتورع عن سبغه بصفات شتى لتجميله, ونجد من يجد فيه مسلسلاً مثيراً ليس إلا!
ولكن على جانب آخر, خلق الفساد وعياً لدى شريحة من المواطنين بأهمية المشاركة بمكافحته, ووجد الكثيرين أنفسهم في موقع المسؤولية "ولو معنوياً", فلا يستطيع أي مواطن شريف وذو ضمير حي التغاضي عن سوس ينخر أركان وطنه مقوضاً كل شيء بدءاً من العدالة ووصولاً إلى التنمية والديمقراطية, ولكن أكثر ما يعيق "المواطن الشريف" هو جهله بحقوقه وبآلية التبليغ ورهبة التصدي المنفرد للفساد, في ظل عدم وجود قوانين تحمي كاشفي الفساد, فيُسلّم البعض منهم بالجملة الشهيرة "ما طالع بإيدنا شي".
قانون بالانتظار
ولمعرفة مصير مشاريع قوانين مكافحة الفساد أوضح النائب غسان مخيبر عضو لجنة الإدارة والعدل «بأن مشروع قانون حق الوصول للمعلومات بانتظار التصويت عليه ويأمل أن يُقرّ في الجلسة المقبلة لمجلس النواب, بعد أن طلب رئيس الحكومة الاستمهال به, وهذا المشروع هو الوحيد من الحزمة التشريعية لمكافحة الفساد ذات الخمسة قوانين, الذي وصل للهيئة العامة وأما الباقي فمازالوا لدى لجنة الإدارة والعدل كمقترحات قوانين, ومنها مقترح قانون حماية كاشفي الفساد ومقترح تعديل قانون الإثراء الغير مشروع (الصادر عام 1999) والذي لم يكن قابلاً للتطبيق بالصيغة التي أُقرّ بها سابقاً»
ومابين اللجنة والهيئة وصولاً إلى الإقرار والتنفيذ مسيرةً طويلة لا يُعرف مداها, لذا تحاول الجمعيات المدنية والمنظمات الدولية ونُشطاء تسريع الخُطى وتقديم المساندة والبحث عن حلول وأفكار مبتكرة.
"منحة الحل"
وفي هذا السياق, وجهت "الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية" و"المركز اللبناني لحماية ضحايا الفساد" الدعوة لجميع المهتمين بمحاربة الفساد من كافة المجالات كالاتصالات، الإعلام، القانون، تكنولوجيا المعلومات، الفن، التصميم، وسائل الاعلام الاجتماعية, علم الاجتماع، الاقتصاد، والعلوم السياسية للقاء تنافسي في فِرَق لتطوير حلول ابتكارية واقتراح أفضل حل لقضية معينة من قضايا الفساد في لبنان وسوف يتم منح الفريق الفائز "منحة الحل" من منظمة الشفافية الدولية لتنفيذ فكرته.
ويأتي السؤال ملحاً عما قد يفعله المواطن إلى أن تأتي الحلول وتُشرَّع القوانين وخاصة من تعرض للظلم كنتيجة للفساد أو كان شاهداً على واقعة فساد؟
بإيدك تبلّغ
تقول المحامية كارول سبتي المستشارة القانونية لـ "المركز اللبناني لحماية ضحايا الفساد – LALAC" أن المركز أطلق منذ فترة حملة "بإيدك تبلّغ" لإشراك المواطنين وتمكينهم من محاربة الفساد من خلال تقديم المشورة القانونية المجانية لهم, ويتم إرشادهم إلى كيفية تكوين ملف يتضمن الأدلّة والبراهين التي تُثبت حدوث عملية الفساد, وتوجيههم للجهات التي عليهم تقديم الشكوى لديها, سواء كانوا لبنانيين أو غير لبنانيين ومقيمين على الأراضي اللبنانية», وتضيف بأن «المساعدة لا تتوقف عند تقديم المشورة فقط ولكن تتعداها لمتابعة الملف لدى الجهات المختصة حيث أن المركز تمكن من بناء علاقات جيدة مع مختلف دوائر الدولة ومدّ جسور التعاون مع العديد من المؤسسات لمكافحة الفساد»
وفيما يخص مخاوف المواطنين من التبليغ وخاصة في ظل عدم وجود قانون يحمي كاشفي الفساد, تؤكد سبتي على «وجود التزام قوي تجاه نظام سرية المعلومات والتكتم على شخصية المُبلِّغ وما يتم الحصول عليه من معلومات ليس هدفه البروباغاندا الإعلامية وإنما الوصول لحلول, يُضاف إلى ذلك أن لبنان مُلزم بتطبيق بنود الاتفاقية الدولية (UNCAC) لمكافحة الفساد المُوقعة عام 2008 وتُعتبر سند قانوني مهم في حالات التقاضي لأن الاتفاقية أقوى من القانون»
ولكن عندما لا يتوقف الأمر عن عند حدود التبليغ ويتعداه للتقاضي ليجد المواطن نفسه خصماً أمام القضاء – مُدّعي أو مُدعى عليه « لا يمثل المركز ضحايا الفساد ولا يستلم قضاياهم فليس لدينا التمويل لذلك ولكن بإمكاننا توجيه المتقاضي إلى محامين نضمن نزاهتهم ولدينا اتفاقيات تعاون معهم» بحسب سبتي.
حملة للإسراع بإقرار القانون
وعلى صعيد آخر, كشفت المسؤولة الإعلامية ريتشل ولش عن الحملة القادمة للمركز نفسه بهدف التسريع بإقرار مقترح قانون حماية كاشفي الفساد, والتي ستعتمد استراتيجية باتجاهين , الأول سيكون باتجاه البرلمانيين ورؤساء الأحزاب والقياديين لعقد اجتماعات معهم لحثهم على إقرار القانون والإتجاه الاخر موجهاً للمواطنين والذي سيأخذ المنحى التوعوي عبر وسائل الإعلام والندوات وغيرها, إضافة إلى إطلاق عريضة للتوقيع عليها للمطالبة بإقرار القانون.
الاتحاد الأوروبي يدعم مكافحة الفساد
الجدير بالذكر أن لدى "المركز اللبناني لحماية ضحايا الفساد" فرعين في البقاع والنبطية إضافة إلى المركز الرئيس في بيروت وقد موّول الإتحاد الأوروبي إنشاء المراكز بالمساهمة مع "مركز المشروعات الدولية الخاصة" و"جمعية نهضة لبنان".
وقد أكدت روت بايادا مسؤولة الشؤون السياسية في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان على «استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم لبنان في تطوير الأدوات القانونية اللازمة والمؤسسات المكلفة بمنع وملاحقة ومحاربة الفساد» وأعلنت عن «قيام الاتحاد بتمويل مبادرات على غرار تلك التي نطلقها في النبطية…» جاء كلام بايادا في كلمتها خلال افتتاح مركز النبطية مؤخراً.
تحرّك
هذا وتتعدد المشاريع والتحركات التي ينظمها المجتمع المدني وتدعمها المنظمات الدولية تلبية للاتفاقيات والمعاهدات المُصادق عليها, ولكنها جميعاً لن تكون كافية ما لم يكُفّ المواطن عن التذمر من رائحة الفساد التي أزكمت الأنوف ويتحول لفرد فاعل بمواجهته بدءاً بنفسه وبيته ومحيطه, فالجميع مسؤول وبقدر ما يستشري الفساد تزداد المسؤولية, فالفساد لن يتوقف من تلقاء نفسه والفاسدين لن يقف جشعهم عند حد إلا بالمساءلة والمحاسبة.

 

المصدر: العنكبوت الالكتروني

go top