20/5/2010
الجزيرة نت - عقد البرلمان الجزائري أمس الأربعاء 19 مايو/ أيار بدعوة من حركة مجتمع السلم (حمس) يوما دراسيا حول الفساد في الجزائر من المنظور القانوني والاقتصادي, استعرض خلاله مفهوم الفساد وأسبابه وآليات مكافحته.
وعدَد المشاركون أشكال الفساد الذي طال أيضا الأحزاب السياسية, حيث أصبحت فضاء للرشوة لاختيار المنتخبين وشراء الذمم والمناصب.
وربط رئيس حركة حمس أبو جرة سلطاني بين الفساد والإرهاب, معتبرا أنهما توأمان أمهما السلطة الفاسدة وأبوهما الظلم. وحصر بؤر الفساد في 12 سببا أهمها الإرهاب والمخدرات والصفقات العمومية والقروض البنكية التي تمنح لأشخاص غير قادرين على التسديد.
وتأتي هذه المبادرة بعد استفحال ظاهرة الفساد في القطاعات الإستراتيجية كقطاع المحروقات والأشغال العمومية والنقل، ومترو الجزائر الذي التهم المليارات دون أن يرى النور.
قضايا لا تنتهي
ولم تكن قضية إفلاس بنك الخليفة في العام 2003 يتيمة رغم ما نجم عنها من تبديد لمئات الملايين الدولارات في قضية اعتبرت حينها أكبر قضية فساد في البلاد، وشهدت إدانة مسؤولين كبار بينهم محافظ بنك مركزي سابق ووزير سابق للصناعة.
فقد توالت بعد تلك القضية قضايا الفساد في الجزائر لتضاف إليها قضية البنك الخارجي الصناعي ثاني أكبر فضيحة بنكية والتي كبدت البنك الخارجي الجزائري فرع وهران خسائر مالية فادحة قدرت بـ 219 مليون دولار.
وامتدت الاختلاسات بالمليارات لتشمل مشروع الطريق السريع (شرق غرب) أضخم مشروع في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة, إذ تحول بدوره إلى أضخم مشاريع الفساد.
أما آخر الفضائح فوصلت إلى شركة سوناطراك العمود الفقري للاقتصاد الوطني الجزائري, بعد اكتشاف 1600 صفقة أبرمت بالتراضي وأهدرت فيها آلاف المليارات.
ونشير هنا إلى أن المحاكم العادية عالجت ما بين 2006 و2009 ما يزيد على أربعة آلاف قضية فساد منها 55% اختلاسات و10% جرائم رشوة.
دور البرلمان في الرقابة
وتطرق العضو السابق بالبرلمان الجزائري موسى بودهان إلى دور البرلمان في مكافحة الفساد باعتباره السلطة التشريعية والرقابية, من الناحية النظرية.
وقال بودهان إن مواد الدستور والقانون سخرت العديد من الآليات التشريعية لفائدة البرلمان غير أن البرلمان لا يمارس وظيفته, مشيرا إلى أن 99.99% من التشريعات هي بمبادرة من السلطة التنفيذية لا التشريعية وفي شكل مشاريع قوانين أو أوامر..
وطالب بودهان, في تصريح للجزيرة نت, بضرورة التخفيف من حدة القيود الموضوعة في طريق لجان التحقيق البرلماني تحت مبررات مصلحة البلاد, مستهجنا كون "البرلمان لا يستخدم في حقيقة الأمر من الآليات الرقابية المسموح بها عدا آلية الأسئلة.
وأضاف أن "الكم الهائل للآليات الدستورية والقانونية والتشريعية والرقابية التي تخول للبرلمان الحق في مكافحة الفساد بقيت مجرد حبر على ورق"
وطالب بإدخال التعديلات اللازمة على بعض النصوص الدستورية واستعادة البرلمان لدوره الرقابي، واستحداث هيئة رقابية دائمة ومستقلة على مستوى البرلمان مع تزويدها بأطر قانونية ملائمة وموارد بشرية ذات نزاهة وكفاءة مشهودة..
المجتمع المندمج
وأعد المحامي عيسى إبراهيمي قراءة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته, إذ تمتلك الجزائر ترسانة قانونية في مكافحة الفساد غير أن الإشكالية ليست في التشريع وإنما في التطبيق.
وطالب إبراهيمي باستقلالية القضاء وتدريب القضاة على معالجة جرائم الفساد مع تشجيع المجتمع المدني على تأسيس جمعيات المحافظة على المال العام ومحاربة الفساد، وفسح المجال لوسائل الإعلام لكشف المتلاعبين بالمال العام وإصلاح النظام المصرفي والبنكي.
واتفق الجميع على أن الفساد تفشى في عدة قطاعات إلى درجة أنه أصبح قيمة اجتماعية. وانصبت جل الاقتراحات لإيقاف هذا الإخطبوط الذي ينخر الاقتصاد الجزائري، على الجانب الأخلاقي وترسيخ قيم محاربة الفساد في المجتمع وبناء الفرد أخلاقيا.
واعتبر الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى الحل إيجابيا على المدى البعيد, معتبرا أن المطلوب حل على المدى القصير عبر إنشاء مجتمع مندمج يضم 11مؤسسة منها الحكومة والبرلمان والإعلام والقطاع الخاص والهيئات الدولية. وأعد مصيطفى في هذا الصدد ميثاقا وطنيا لإقامة الحكم الرشيد ومحاربة الفساد الناتج عن غياب مثل هذا الحكم.
واختتم اليوم البرلماني بميثاق وطني لمكافحة الفساد وإقامة الحكم الصالح بتفعيل آليات الرقابة ضمن الفصل بين السلطات واعتماد الشفافية والمحاسبة، وحسن التسيير ودعم منظومة إعلامية غير مقيدة.
_____________________________________
*
موقع
الجزيرة نت