الصحافة الاستقصائية

ضبابية الأنظمة الخاصة بمعادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية ، والمعايير الفضفاضة الغير موثقة سمحت باختلاف التأويل والتفسير- الجزء الثاني

ضبابية الأنظمة الخاصة بمعادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية ، والمعايير الفضفاضة الغير موثقة سمحت باختلاف التأويل والتفسير- الجزء الثاني

تحقيق: هيثم الشريف

(تعاقب الأنظمة)

من الإشكالات الأخرى التي عرضها تقرير (أمان) يقول المحامي بلال البرغوثي تعاقب الأنظمة" كل من التحقوا او سجلوا بالجامعات الخارجية قبل اصدار نظام 2006 تعرضوا لإشكالات قانونية بما يتعلق بشرط الإقامة، في حين ان الأصل في القوانين ان لا تكون بأثر رجعي، فرغم أن القانون الأساسي اجاز ذلك في حالات معينة، إلا انه اوضح انه في رجعية التشريعات في المسائل المدنية يجب عدم المساس بالمراكز القانونية، بالتالي ليس من العدالة والإنصاف ان اسجل وألتحق بجامعة انت تعترف بها، ثم تأتي بتشريع يقول ان الدراسة فيها أو طبيعة التعليم فيها غير قانونية! وذلك ما دفع بالعديدين للجوء لمحكمة العدل العليا، التي تفاعلت معهم ايجابيا على اعتبار انهم سجلوا اصلا قبل صدور النظام المشار له".

وقد وافقه القول القائم بأعمال النائب العام، والذي أوضح وجهة نظر النيابة العامة كممثل للحق العام"  تعاقب الأنظمة تسبب ببعض الاشكالات لعدد ممن سجلوا وانتسبوا لدى جامعات خارجية معترف بها قبل صدور الانظمة الجديدة، رغم أنه لا يجوز ان تسري عليهم شروط الإقامة والانتظام طالما ان ذلك ليس متطلبا جامعيا وفي هذا حق، عليه فإن غالبية الملفات التي اثير النقاش حولها مؤخرا وقيل انه تمت معادلتها رغم ما كان من رفض سابق، تمت بناء على قرار محكمة قالت فيه ان المستدعي لديها سجل لدى الجامعة قبل ان يسري النظام، بالتالي طبقت الوزارة ذلك على كل من تنطبق عليهم مثل هذه الحالة".

وقد تناول القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي جانبا من آثار تعاقب الأنظمة" في عام2001 نشر وزير التربية والتعليم العالي في صحيفة القدس تعليمات طلب فيها الانتظام في الدراسة والإقامة لمدة 8 شهور، رغم ان القانون الأساسي اكد على ضرورة ان يكون النشر في الجريدة الرسمية(الوقائع الفلسطينية)، مع ذلك فالنشر بالجريدة العادية ملزم مالم يضر بالصالح العام، وفعلا تم تطبيق تلك التعليمات على كل من تخرجوا بعد ذلك، وكل من لم يحصل على معادلة شهادته طبقا لتلك التعليمات حق له التوجه للقضاء للتظلم، فكان أن كسب احدهم القضية عام 2006، حيث قررت المحكمة ان القوانين لا تطبق بأثر رجعي، ومن أن القوانين حتى نطبقها يجب أن تنشر بالجريدة الرسمية، وبناء على ذلك اعطت الوزارة فترة زمنية مدتها 6 اشهر لمن يرغب ان يعيد تقديم طلب المعادلة، فتقدم كل من سمع بالخبر واعيد النظر في طلبه، فجرت المعادلة لكل من تنطبق عليهم نفس الحالة، وكانت تكتب عبارة في نهاية وثيقة المعادلة ان (المعادلة تمت استنادا لقرار محكمة العدل العليا)".

ومن الأمثلة على الشهادات التي فصل فيها القضاء لصالح المستدعين، مصادقة شهادة البكالوريوس للموظف  في وزارة المالية محمد جبر القر من الخليل الذي قال انه انتسب  لجامعة  العلوم التطبيقية في صنعاء عام2002 و حصل على شهادة البكالوريوس في المحاسبةعام2005، فرفضت وزارة التربية والتعليم العالي مصادقة شهادته وشهادات قرابة 25 طالب من نفس الجامعة وفق قوله ، بداعي  ان النظام ينص على وجوب الإقامة والإنتظام، إلى ان حصل ونظرائه في العام قبل الماضي على قرار من محكمة العدل العليا بمعادلة شهادتهم "إحدى الأخوات حصلت على قرار المحكمة والذي أوضح بأن نظام2006 الخاص بالمعادلة لا يسري بأثر رجعي، خاصة وان النظام لم يكن قد نشر بعد في الجريدة الرسمية، بالتالي لأن قضايانا متشابهة تمت مصادقة  شهادات من راجعوا الوزارة وهم حوالي 12-13 شخص فقط اسوة بزميلتنا ".

dشار إلى الهيئة المستقلة لحقوق الأنسان(ديوان المظالم)،  تلقت بحسب منسق الشكاوى وتقصي الحقائق المحامي سامي جبارين 18 شكوى منذ العام2010 حتى نهاية العام الماضي، معظمها متعلقة بعدم معادلة الشهادات العليا الغير فلسطينية من قبل وزارة التربية والتعليم العالي، لأسباب تتعلق بعدم الإلتزام بالنظام، ومن بينها الإقامة والإنتظام.  

  (تذبذب الحد الأدنى في الثانوية العامة)

معدل الثانوية العامة معيار رئيسي لدخول الجامعة، وقد اعطى النظام للوزير صلاحية تحديد معدل الثانوية العامة لدخول الجامعة سنويا، وفي شهر تموز2014 أصدرت الوزيرة السابقة قرارا يشترط لتصديق او معادلة الشهادات الجامعية الاولى الصادرة عن الجامعات غير الفلسطينية، أن بأن لا يقل الحد الأدنى المقبول للمعادلة بخصوص شهادة الثانوية العامة عن 65% ، وفي الشهر الذي يليه أصدرت قرارا آخر أوضح أن النسبة 60% ، الأمر الذي رأى فيه البعض تضاربا وتخبطا في القرارات الصادرة بخصوص معدلات القبول لطلبة الثانوية العامة، ما دفع الدكتورة خوله الشخشير لان توضح ذلك" بخصوص تعليمات الحد الادنى للثانوية العامة في الفترة التي كنت فيها،  عقدت مع مجلس التعليم العالي عقب ظهور نتائج الثانوية العامة اجتماعين، تم التوافق فيهما على ان تكون النسبة 65% داخل فلسطين، و 60% خارجها".

فيما استعرض الدكتور معمر شتيوي عددا من التغييرات الخاصة  بتعليمات الحد الادنى للثانوية العامة المعتمد للثانوية العامة لدخول الجامعات او لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية "كل الوزراء السابقين قاموا بتغيير معدل القبول في الثانوية العامة، فمثلا في ايلول 2008- 2009 صدرت تعليمات بان المعدل المقبول في الجامعات الخارجية 65% فأكثر للفرعين العلمي والأدبي، تلا ذلك تغيير المعدل إلى 80% للتخصصات الطبية و70% للتخصصات الهندسية و60% لباقي التخصصات، ثم تقرر معادلة الشهادات العليا لكل من يقل معدلهم عن 65% باستثناء طلاب الطب والهندسة للكل من التحق بالجامعات غير الفلسطينية قبل تاريخ شباط2015،  إلى ان اعلنت التعليمات بشكلها النهائي حيث اصبحت 60% فأكثر للتخصصات الأدبية، و65%  فأكثر للتخصصات العلمية بخصوص الدراسة في الخارج، مع ضرورة التركيز على ان التغييرات الوحيدة التي نشرت بالجريدة الرسمية على صعيد معدل قبول معادلة الشهادات في الثانوية العامة كانت في العام2013، علما بأني مع تثبيت المعدل وان لا يتم  تغييره كي لا يتشتت الناس، اذ لا تزال هناك مشكلة تواجه 28 ملف لطبيب ممن درسوا خارج الوطن، حيث سجلوا للدراسة التحضيرية في الخارج بعد نفاذ تعليمات 2008،  وكان معدلهم في الثانوية العامة اقل من 65% ، وهم يعانون حقيقة جراء حرمانهم من المعادلة، في حين ان طلبة آخرين علموا بالتعليمات ولم يتابعوا بعد السنة التحضيرية دراستهم".

إحدى الشهادات التي كانت عالقة حتى وقت قريب جراء تغيير الحد الأدنى المعتمد للثانوية العامة معاملة تصديق شهادة  المحامي رامي عطية من رام الله والذي حدثنا عن تجربته " انهيت الثانوية العامة في العام2007، تلا ذلك ان ذهبت لدراسة المحاماة في جامعة الإسراء الأهلية في الأردن عام2008، وحصلت على شهادة البكالوريوس في العام2012،  وحين توجهت لوزارة التربية والتعليم العالي من أجل المصادقة على شهادتي، رفضوا ذلك بداعي ان معدلي في الثانوية العامة أقل من 65%، وحين قررت الوزارة مصادقة كل من يقل معدلهم في الثانوية العامة عن 65%  حتى تاريخ معين، تمت مصادقة شهادتي فسحبت الطعن الذي سبق وان قدمته لدى محكمة العدل العليا بالخصوص".

ويرى المحامي بلال البرغوثي أن غياب استقرار اتخاذ القرارات المتعلقة بالحد الادنى لمعدل شهادة الثانوية العامة المقبول لمعادلة الشهادات الجامعية العليا والمصادقة عليها مسألة قد تمس بمفهوم المساواة  لأنها تؤدي لأن تطبق على اناس ولا تطبق على اناس آخرين.

معايير اختيار وتشكيل اللجان

تنص المادة الثانية من نظام معادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية الصادر في عام 2014 ، ان الوزارة تشكل لجنة عليا لمعادلة الشهادات غير الفلسطينية  مكونة من أحد عشر عضوا برئاسة وزير التربية والتعليم العالي لمدة سنتين قابلة للتجديد،  وحدد النظام مهام اللجنة العليا، بالاعتراف بمؤسسات التعليم العالي غير الفلسطينية، اعداد قوائم بتلك المؤسسات، ومعادلة الشهادات وفقا للمعايير والأسس المحددة. وإلغاء أية وثيقة إذا ثبت عدم صحة المعلومات التي اعتمدت سببا للمعادلة أو ورد خطأ في وثيقة المعادلة ذاتها  وتشكيل اللجان الفنية المختصة بالمجالات المعرفية والفنية المختلفة حيث يعينهم الوزير بناء على تنسيب اللجنة.

لكن تشكيل تلك اللجان  يرى الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) أنها من بين المعاييرغير الواضحة التي تبرز غياب الشفافية بحسب تقرير الذي صدر بالخصوص يقول البرغوثي" النظام لم يحدد معايير توجيهية لعملية اختيار الوزير لأعضاء اللجنة العليا اصحاب القرار بخصوص معادلة الشهادات، في حين يجب ان يستند اختيارهم لمعايير تراعي التخصص، لتكون اللجنة مطعمة بمؤهلات فنية وقانونية ايضا لبحث ومعرفة قانون البلد الذي تمت الدراسة فيه".

بعض الشكاوى التي تلقتها بعض الجهات او التي نشر بعض ما جاء فيها، تخلل سياقها الادعاء بأن تغيير اللجان العليا جاء في اطار استثناء الخبرات، ومن أنها قامت بذلك على الرغم من انه لم يمض على تشكيل اللجنة العليا سوى بضعة اشهر ، وهو ما ردت عليه الدكتورة الشخشير بالقول" خوّل القانون وزير التربية والتعليم العالي تغيير اللجان كل سنتين، واللجنة العليا مضى على تشكيلها قرابة عام ونصف العام، وقد هدفت من تغييرها إدخال مستشار قانوني للجنة،(وهذا امر بالغ الأهمية، فرغم ان المرجعية لاتخاذ القرارات هو النظام المعمول به، إلا اننا في الحالات التي فيها لبس او غموض نلجأ للمستشار القانوني،) بالتالي فإن التغيير في اللجنة ليس على خلفية رفضهم اعادة النظر في الملفات التي قدمت.  كما أن الأعضاء في اللجنة العليا تي تضم رؤساء اللجان الفنية المختصين وعدد من ذوي المراتب العلمية المرموقة والخبرات في المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية المحلية مع تركيزنا على التنويع في الخبرات خاصة باللجان الفنية ".

مراحل المصادقة على الشهادات العليا غير الفلسطينية (التحقق..والمعالجة أو التحويل)

jتولي الادارة العامة للتعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي استلام طلبات تصديق الشهادات ومعادلة الشهادات العلمية غير الفلسطينية للاعتراف بها في فلسطين، وعن الإجراءات والخطوات التي تقوم بها الوزارة وصولا إلى ذلك قال القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي " الخطوة الأولى بعد استلام الطلب هي التأكد من مصداقية الشهادة، وذلك عبر اطلاعنا على شهادات ونماذج الشهادات في العالم، من خلال شراكاتنا التي نبنيها مع المراكز التي لديها فكره عن كل الشهادات، اذ لدينا شراكة مع مركزي اعتراف في اوروبا( واحد في  فرنسا والآخر في ايطاليا) لديهما علاقة مع 55 مركز اعتراف في العالم مما يُسهل الحصول على اجابة حول صحة الوثائق المقدمة خلال 48 ساعة من تقديم الطلب، إضافة إلى شراء قاعدة البيانات الإسترالية التي تحوي كل البيانات عن كل الجامعات في العالم من حيث المستوى والبرامج وعدد ساعات او سنوات الدراسة وما تمنحه الشهادة للخريج من امتيازات ، ناهيك عن شراكتنا مع الجامعات الأردنية والفلسطينية،  كل هذا الى جانب مصدر السفارة الفلسطينية في بلد الشهادة، الأمر الذي يجعلنا نتأكد ونتثبت من صحة الشهادة، يلي ذلك تحديد هل هذه الجامعة معترف فيها او غير معترف بها، ولذلك وضعنا 3 معايير لذلك وهي ان تكون الجامعة معترف بها من الدولة نفسها، وان تكون مسجلة لدى هيئة دولية، ومذكورة في احد التصنيفات الدولية المعروفة، والخطوة الأخيرة تتمثل في معرفة اذا كان التخصص يتناسب مع تخصصه ومعدله  في الثانوية العامة في فلسطين، والتحقق من انسجام ذلك مع تعليمات الوزارة، الأمر الذي يؤدي إلى الاعتراف بالشهادة".

لكن اللافت إلى الانتباه أن دائرة المعادلة في وزارة التربية والتعليم العالي لا تحول كل الملفات إلى اللجان من أجل معادلتها، وذلك ما اكده أحمد عثمان" لدينا تفويض(لم يسحبه احد منا) منذ عدة سنوات بأن الشهادات المتعلقة بشهادة البكالوريوس او الماجستير التي تحوي اثبات انتظام واقامة متزامنين(ساعات معتمدة او ساعات اوروبية او سنوات دراسية او كشف علامات..)  تتم معالجتها مباشرة لدى الدائرة طالما تحقق شرط الإنتظام، في حين  تحول إلى اللجان جميع ملفات الدكتوراه وملفات الماستر والبكالوريوس التي لا يتأكد فيها بشكل قطعي التزامن بين الانتظام والاقامة، أو عدم وضوح البرنامج الدراسي، بالتالي ما لدينا تفويض بالمعالجة وليس تعليمات مثبتة".

شهادة اعتراف أم معادلة

الدكتور معمر شتيوي القائم بأعمال مدير عام التعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي يرى ان مفهوم المعادلة يجب ان يتطور" مفهوم المعادلة التي تتم عبر الوزارة للشهادات الغير فلسطينية العليا تعني مكافأة الشهادة بشهادة فلسطينية، غير ان جزء من  الشهادات التي تجري معادلتها شهادات لتخصصات او برامج دكتوراه غير موجودة في فلسطين،(حيث ليس لدينا سوى 3 برامج دكتوراه) فكيف اقوم بمكافأتها بشهادة فلسطينية؟! لذلك فإن مفهوم المعادلة يجب ان يتطور ويتغير إلى مفهوم الاعتراف بالشهادة  واعطاء وصف للشهادة بناء على البرنامج والجامعة والدولة والمنهجية  وكل الأسس التي اعتمد عليها، وهذا الوصف هو من يحدد اذا ما كانت  الشهادة قوية من حيث الجامعة والتصنيف العالمي و التخصص النادر والمطلوب، حيث تحول العالم من مفهوم المعادلة إلى مفهوم الاعتراف، بمعنى انه حتى وان اختلف المفهوم فالهدف واحد، وهو ان نتحقق كمؤسسة مركزية في الوطن من مصداقية الشهادة انطلاقا واجب المحافظة على هيبة ومكانة التعليم، ومنع أي احد من اخذ حق غيره، او من ان ياخذ احد ما شهادة مزورة، ومع تغير هذا المفهوم يوكل للنقابات والمؤسسات المهنية التشريح والتحديد والتقييم النوعي  لمستواه والقياس للمهارات وصولا لشهادة المزاولة من طرفهم".

إحصائيات

تقرير أمان حول النزاهة والشفافية في معادلة الشهادات العلمية جاء فيه بانه للفترة من(2007-2014)  تمت معادلة 7187شهادة ، فيما رفض قرابة 300 طلب معادلة لشهادات عليا غير فلسطينية مخالفة للأنظمة المعمول بها في فلسطين، ومن أن الوزارة ربحت 28 قضية كانت قد قدمت لدى محكمة العدل العليا، وكشفت الوازرة عن 85 حالة تزوير للشهادات في فلسطين وخارجه. ومن أنه وبكل الحالات لم يعلن عن هذه الحالات حتى بعد استكمال الاجراءات القضائية، ولم تقدم اللجنة العليا واللجان الفنية تقارير دورية عن عملها واليات اتخاذ القرارات أو تفسيرات لهذه القرارات، وحتى أنها لا تنشر نتائج اعمالها، وهو  الأمر الذي يبرز غياب الشفافية وعدم الانفتاح.

بكل حال فإن جدول عدد الخريجين الذين حصلوا على شهادات دبلوم فأعلى من خارج فلسطين خلال الفترة من( 2009-2014) يزيد عن 350 ألف خريج، يساهمون بقرابة 74% في القوى العاملة بحسب ما أكده كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وعلى الرغم من كل تلك الإحصائيات اشارت وزارة التربية والتعليم العالي  على لسان مدير دائرة المعادلة فيها بأنها تلقت" منذ العام2013 ما يزيد عن 3آلاف طلب معادلة شهادات غير فلسطينية، منهم قرابة 300 شهادة توجيهي، تبقى من كل تلك الملفات حوالي 120 شهادة عليا لا تزال منظورة أمام اللجان المختصة(حتى نهاية العام2015)، ومن انه خلال الأعوام(2013-2014 ) تحديدا تمت معادلة 1943 شهادة، ورفض معادلة 33 شهادة لأسباب تعود لمخالفة أحد شروط نظام معادلات الشهادات ساري المفعول، على سبيل المثال لا الحصر، كأن تكون المؤسسة غير معترف فيها، أو ان لا يتحقق شرط الانتظام والاقامة في بلد المنشأ، أو عدم ملائمة فرع الثانوية العامة لحقل الدراسة، فيما لم يتم ضبط أي حالة تزوير بمعاملات المعادلة، باستثناء الفترة ما بين الأعوام(1992-1997) حيث تم رصد 38 حالة تزوير في شهادات ووثائق تدعم تلك الطلبات، بالتالي فإن الوزارة رصدت التزوير في سنوات عديدة تمتد عبر انشاء الوزارة حتى تاريخه".

وكانت النيابة العامة قد أطلعتنا على لسان الدكتور احمد براك عن طبيعة القضايا التي تصلهم بخصوص معادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية "هناك نوعين من القضايا التي تصلنا، النوع الأول متعلق بالقضايا الجنائية الجزائية المتعلقة بالشهادات المزورة التي ترد من وزارة التربية والتعليم العالي، والتي تدخل في اطار بيع او شراء الشهادات من الخارج(علما انه لم تصادفنا في فلسطين أي قضية بيع شهادات)، حيث يتم اتخاذ المقتضى القانوني في هذا الأمر. أما النوع الثاني فهي المتعلقة بالقضايا الإدارية، فحين يقوم المستدعي بالطعن بعدم التصديق على شهادته من قبل وزارة التربية والتعليم العالي، والتي غالبا ما تكون متعلقة بجامعات غير معترف بها او ان المستدعي يفتقد لاحد شروط المعادلة المقره وفق انظمة المعادلة المعتمدة، تقوم النيابة بالمرافعة لدى محكمة العدل العليا. وبكل الحالات تمدنا الجهة صاحبة الإختصاص وهي وزارة التربية والتعليم العالي بالبيانات المتعلقة بكل ملف، وإذا ما تأكد لنا ان الشهادة غير صحيحة ومزورة، بمعنى انها تشكل دليل كافي للإدانة، فإننا نحول الملف لمحكمة العدل العليا، مع التنويه إلى ان اغلب القرارات الصادرة من المحكمة تتوافق مع ما توصلت اليه النيابة من تحقيقات".

وحول عدد القضايا المحولة للقضاء الفلسطيني، أو المرفوعة للمحاكم قال احمد عثمان"لا يتوفر حتى تاريخه معلومات دقيقة عن قضايا المحاكم لكن ما يتوفر لدى الدائرة من بيانات هو(24) قضية حسمت لصالح الوزارة، فيما حسمت(8) قضايا ضد الوزارة، بينما لا تزال(6) قضايا لم تنتهي".

وبدورنا توجهنا لمجلس القضاء الأعلى ، للحصول على ما يتوفر لديهم من إحصائيات متعلقة بالشهادات العليا غير الفلسطينية، فتبين أن عدد القضايا والدعاوى أو الطعون الحقوقية المرفوعة لدى محكمة العدل العليا من مستدعين منذ العام 2006- لغاية 2015بلغت 19 دعوى ادارية، تم رد الدعوى في 15 قضية(واحدة منها بناء على طلب وكيل المستدعي عام2014)، وفي طعنين اثنين تم الغاء القرار المطعون فيه حيث صدر القرار بذلك في 2014، بينما قضية تم فصل الدعوى فيها وأخرى مؤجله، أما الدعاوى الخاصة بالقضايا الجزائية من جنح وجنايات، للفترة من 2005 لغاية 2015 بمحاكم الصلح والبداية، فقد بلغت 22 قضية، بينها 6 قضايا تم فيها حكم الإدانة بالتزوير، و10 قضايا حكم بها بالبراءة، فيما تم تأجيل 4 قضايا، وسقطت قضيتان بالتقادم.

من جانبها قالت هيئة مكافحة الفساد أنها تلقت منذ العام 2011 حتى 2015 ( 5) شكاوى، حيث حدثتنا مدير عام الشؤون القانونية المحامية رشا عمارنة عن انواع تلك الشكاوى " بعض تلك الشكاوى تتعلق بمعادلة الشهادات العليا على الرغم من ادعاء تزويرها، وبعضها الآخر يتعلق بعدم وضوح المعايير المتبعة من قبل دائرة معادلة الشهادات الخارجية في وزارة التربية والتعليم العالي، وهي بمثابة تظلمات من مواطنين جراء العراقيل التي وضعت امامهم حين حاولوا معادلة شهاداتهم، على الرغم من مزاعمهم بأن آخرين ربما من نفس الجامعة التي حصلوا منها على الشهادات قد تمت معادلة مصادقة او معادلة شهاداتهم، والنوع الأخير من هذه الشكاوى محالة من الوزارة نفسها لطرفنا وتتعلق بالأمور الإدارية التي تصب في معادلة الشهادات العليا غير الفلسطينية، حيث جرى تحويل3 ملفات للنيابة العامة المنتدبة لدى الهيئة، ولا تزال لدينا قضية قيد الدراسة، فيما تم رد احدى القضايا لعدم الإختصاص".

وحول إذا ما كانت هيئة مكافحة الفساد قد استدعت كل من وردت اسماؤهم في الشكاوى المقدمة لها من جهات رسمية ومسؤولين حاليين وسابقين وموظفين أو مواطنين قالت المحامية رشا عمارنه" نعم سمعنا إفادات كل الأشخاص الذين لهم علاقة وصلة بما وصلنا من شكاوى، ولم يتأخر أي شخص او جهة عن الحضور لتقديم الشهادة او تقديم المعلومات للهيئة والنيابة المنتدبة، مع التنويه على ان هناك تعاون كبير من قبل وزارة التربية و التعليم العالي، خاصة وان بعض الملفات كما اشرت احيلت إلينا من طرفهم".

لكن مدير عام الشؤون القانونية في هيئة مكافحة الفساد بينت في ذات الوقت ان هناك خلط لدى البعض فيما يتعلق بمخالفة القانون وجريمة الفساد" لا زال البعض يصنفون مخالفة القانون على انه نوع من انواع الفساد، ولا نزال نحاول ان نوضح بان مخالفة القانون هي خلل اداري واجب التصويب و قد يستلزم العقوبة التأديبية لكنه لا يحمل شبهة جريمة الفساد في جميع الأحوال، والتي تحتاج للتأكد منها القيام بالتحقيق الإستدلالي والتحريات المناط بنا، حيث نجيب على ثلاثة اسئلة حين تصلنا الشكاوى سواء أكانت من افراد او من مؤسسات او من مجهول، بان هل الشخص المشتكى عليه من ضمن الأشخاص الذين يخضعون لقانون مكافحة الفساد ام لا؟ وهل الموضوع المشتكى فيه هو موضوع يقع ضمن جرائم الفساد حسب تعريف القانون ام لا؟وهل الشبهة موجودة أصلا؟ بالتالي إذا ما توفر البند الأول والثاني بمعنى المعيار الشخصي والموضوعي(شخص خاضع للقانون وفعل خاضع للقانون) نبدأ  بالإستدلالات كالمخاطبات وسماع الإفادات، ثم نرفع لرئيس الهيئة توصية حول وجود شبه فساد من عدمها".

وبغض النظر عما اثير مؤخرا حول إشكالات معادلة الشهادات العليا يقول الدكتور احمد براك القائم بأعمال النائب العام فإن مهمة النيابة العامة متابعة الحقائق لا الإشاعات " الأساس في هذا الموضوع ان ما تم من معادلة للشهادات في الفترة الأخيرة كان صحيحا أو غير صحيح؟ وهو الأمرالذي يجب ان نتركه للجنة العليا لمعادلة الشهادات في وزارة التربية والتعليم العالي لتقرره، والتي نضع ثقتنا فيها لكون انها تضم رؤساء جامعات ومهنيين، إلى جانب مختصين من داخل الوزارة، والتي تقرر ذلك وفق ضوابط محددة، بالتالي فإن النيابة العامة ستقوم باتخاذ المقتضى القانوني من استدعاء او تحقق كممثل للحق العام بخصوص هذا الموضوع ان وصل اليها أية معلومات تحوي على ادلة لا اشاعات".

حتى وان وجدت المبررات في بعض الملفات لعدد من حالات طلبات اعادة النظر فإن إعادة التظلم إن استجدت وثائق لم تكن موجوده بغض النظر عن انقضاء فترة التظلم القانونية، أمر يحتاج لإدراجه في النظام إن ثبتت قانونيته، لا أن يكون ذلك عبر قرارات للجنة العليا، كما أن هناك ضرورة لأن يرفق النظام بلوائح تنفيذية كي لا تسمح الضبابية في بعض المواد بالتفسير والتأويل كما في حالة الإقامة والانتظام، وأن يكون هناك معايير مكتوبه لاختيار اعضاء اللجان، والكف عن التذبذب الحاصل في نسبة معدل الثانوية العامة، وكذلك ضرورة ايقاف تفويض دائرة المعادلة بمعالجة أي شهادة خارجية والالتزام بتحويل كل الشهادات الخارجية إلى اللجان، فحرف الدال الذي يسعى الناس لأن يسبق اسمهم، ولأن يكنّون به بحاجة لم يحميه، وضرورة إعلان نتائج اعمال اللجان، إلى جانب اعتبار عدم البت في الاعتراض بمثابة يجب ان يكون اعتراف بالشهادة وليس العكس، وذلك كي يتم تحفيز اللجان على سرعة الرد ولا تطول الفترة عدم البت في طلب.

go top