آراء حرة

مكافآت ورواتب النواب والوزراء

مكافآت ورواتب النواب والوزراء

بقلم/ حسام الدجني

كم عدد الوزراء السابقين...؟ وما هو المبلغ الذي يحصل عليه هؤلاء وفقاً للقانون رقم 11 لعام 2004م...؟ ولماذا لم يعيد المجلس التشريعي النظر في نصوص القانون...؟ وما هو المسوّغ القانوني الذي بموجبه تفرز الحكومة مرافق لكل وزير سابق...؟ وكيف يتلقى نائب عن الشعب الفلسطيني راتبه وهو مستنكف عن عمله...؟

منذ تأسيس السلطة الفلسطينية 1994م، وحتى يومنا هذا تعاقبت 11 حكومة، وبعد الانقسام السياسي في منتصف يونيو حزيران/2007م، شكّلت الضفة الغربية 3 حكومات، وقطاع غزة قام ببعض التعديلات الوزارية على حكومة تسيير الأعمال التي يرأسها السيد إسماعيل هنية.

مجموع من تولوا مناصب وزارية في الحكومات الفلسطينية السابقة هو 170 وزيراً، 66 وزيراً مكثوا أكثر من 4 سنوات في مناصبهم الوزارية، وبذلك يحصلون على 80% من راتبهم بواقع 2400 $ شهرياً، 20 وزيراً مكثوا 3 سنوات ويتقاضون راتباً يصل إلى 1800$ شهرياً، وباقي الوزراء وعددهم حتى اللحظة 48 وزيراً ويتقاضون الحد الأدنى وهو 50% من راتبهم بواقع 1500$، حسب نص قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004م.

مجموع ما يحصل عليه الوزراء السابقون من رواتب تقاعدية من خزينة الدولة ما يقارب 4 ملايين دولار في العام.

الملفت للنظر التناقض الواضح والذي يسمى استثناءً بين مواد 4،6،8،10 مع المادة 11 من قانون المكافآت، فعلى سبيل المثال نصت (المادة 8): "يستحق الوزير أو ورثته من بعده مبلغا يساوي (20%) من الراتب الشهري عن كل سنة قضاها في الحكومة بحد أقصى لا يزيد على (80%) من المبلغ الإجمالي المحدد للراتب الشهري مربوطا بجدول غلاء المعيشة، يصرف شهريا فور شغور مركزه، ولهذه الغاية تحسب كسور السنة سنة كاملة"، وفي القانون نفسه نصت (المادة 11): " استثناء من أحكام المواد (4، 6، 8، 10) من هذا القانون يجب أن لا يقل الراتب التقاعدي لكل من رئيس المجلس أو عضو المجلس أو رئيس الوزراء أو الوزير أو المحافظ عن (50٪) من الراتب الشهري أياً كانت المدة التي قضاها أي منهم في ذلك المنصب". وهذا التعارض بين نصوص القانون هو استغفال سياسي للشعب وعوار قانوني، وقد يكون المشرّع عمل بقصد أو بدون قصد على تفصيل القانون على مقاسه، ولكي يمرّر تلك النصوص قام بدمج السلطتين التشريعية والتنفيذية بقانون واحد في مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات.

القانون المذكور يحدد رواتب الوزراء ونواب الشعب الفلسطيني والمحافظين، فقد حدد راتب رئيس الوزراء بـ 4000$، وراتب الوزير بـ 3000$، وراتب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بـ 4000$، بينما يتقاضى عضو البرلمان 3000$، وفيما يتعلق بالرواتب التقاعدية للسلطة التشريعية فنصت (المادة 4): "يستحق رئيس المجلس وأعضاؤه أو ورثتهم من بعدهم مبلغا يساوي (12.5%) من الراتب الشهري عن كل سنة قضاها في المجلس بحد أقصى لا يتجاوز (80%) من المبلغ الإجمالي المحدد للمكافأة الشهرية مربوطا بجدول غلاء المعيشة، يصرف شهريا فور شغور مركزه ولهذه الغاية تحسب كسور السنة سنة كاملة".

وربما من حسن حظ المال العام الفلسطيني هو بقاء المجلس التشريعي الأول (88 نائباً) مدة 10 سنوات، والمجلس التشريعي الثاني (132 نائباً) ما زال على رأس عمله منذ يناير/2006م، وإلا كان لدينا جيش من النواب السابقين.

هنا نطالب السلطة التشريعية بإعادة النظر في نصوص القانون، فحالتنا الفلسطينية لا تحتمل هكذا نفقات، والأهم هو إضافة مواد تلزم الوزير أو النائب السابق بحق الاختيار بين الراتب التقاعدي، أو العودة لعمله السابق لتوليه المنصب الوزاري، لأننا بتنا نلاحظ ظاهرة غريبة تتمثل في تقاضي معالي الوزراء السابقين رواتب تقاعدية، وعادوا لأعمالهم السابقة كأساتذة جامعات أو رجال أعمال الخ، والقانون يسمح بذلك، ولكن خصوصية حالتنا الفلسطينية يجب أن لا تسمح بذلك فعشرات الآلاف من الخريجين الحاصلين على مؤهلات علمية ينتظرون في طابور البطالة.

أيضاً القضية الأخرى التي أطرحها والتي حاولت جاهداً البحث عن مسوّغ قانوني لها، وهي حق الوزير المتقاعد بمغادرة مكتبه بمرافقيه، ولكني لم أجد، وهنا أدعو السادة النواب بفتح هذا الملف، ومراجعة السلطة التنفيذية، لأنه لا يعقل صرف مرافق لكل وزير سابق، لأن حالتنا الفلسطينية غير مستقرة ونظامنا السياسي الفلسطيني تحت الاحتلال هو نظام هش، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة وراء تعاقب أكثر من أربعة عشر حكومة منذ تأسيس السلطة، ولو كل وزير سابق تم فرز مرافق له، نحتاج إلى كتيبة مرافقين كاملة...!!! وماذا يخشى الوزير السابق، أليس العدل أساس الملك...؟ وأختم مقالي برسالة لنواب الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة: عودوا إلى مقاعدكم، وجنّبوا أنفسكم تداعيات الانقسام فأنتم نواب الشعب، شكلوا حالة فريدة في الضغط على الأطراف لإنهاء الانقسام ومحاربة الفساد، وأعيدوا النظر في نص قانون رقم 11 لعام 2004م، ولا تسمحوا للتاريخ أن يكتب عن أحدكم بأنه استنكف عن تقديم خدماته، ولم يستنكف عن تلقي راتبه، فإما أن تعودوا لقبة البرلمان أو تستقيلوا.
[email protected]

**المقالات والآراء المنشورة تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي أمان
go top