أخبار 2019

الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته يقدم رؤيته الشاملة ويفوض لجنة وطنية مجتمعية لوضع خارطة إصلاح القضاء

الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته يقدم رؤيته الشاملة ويفوض لجنة وطنية مجتمعية لوضع خارطة إصلاح القضاء

رام الله- سعياً إلى النهوض بمنظومة العدالة في ظل التحديات التي تعصف بالسلطة القضائية ومنظومة العدالة الفلسطينية؛ عقد الائتلاف الأهلي لإصلاح القضاء وحمايته في مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة البيرة، مؤتمراً شعبياً بعنوان: "معاً لإصلاح منظومة العدالة وتوحيدها في فلسطين"، والذي جاء حصيلة عام كامل من الجهد المضني والمشاورات التي بذلها الائتلاف الأهلي لدعم استقلال القضاء وحمايته، مكتنفاً تحت مظلته عضوية 28 منظمة أهلية مختصة بالشأن القضائي، وحقوق الانسان.

وفي بيانه، أجمع المشاركون على تهيئة المناخ العام لإصلاح القضاء من خلال الدعوة الى إجراء انتخابات عامة: رئاسية وتشريعية، تضمن وجود جسم أصيل مختص بالتشريعات العامة سيما القضاء منها، بهدف تحقيق إصلاح جذري في السلطة القضائية، وضرورة وقف تدخلات السلطة التنفيذية بالشأن القضائي، واحترام القانون في اجراءات تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى وباقي الوظائف القضائية العليا. إضافة الى توقف القضاة عن سياسة إعاقة أية محاولات إصلاحية للقضاء، وإتاحة المجال للجمهور للتعبير عن رأيه في الشأن القضائي، دون تشويه أو تخويف أو تخوين، وأخيراً تفويض لجنة وطنية مجتمعية من المشاركين في المؤتمر وممثلين عن غزة من ذوي الخبرة والمشهود لهم بالسمعة الحسنة بمهمة متابعة وتنفيذ الرؤية المجتمعية والتوصيات التي عرضت في المؤتمر لإصلاح القضاء وتوحيده بشكل عاجل، بحيث تأخذ بعين الإعتبار المشاورات المجتمعية الجارية لإصلاح القضاء، وإعداد مقترح تفصيلي للإنقاذ يتم الاعلان عنه رسمياً في موعد أقصاه 4 أسابيع من تاريخ انعقاده.

وقد جاء المؤتمر واضعا نصب رؤيته تعزيز ثقة المواطن بالقضاء الفلسطيني، إذ أظهر استطلاع للرأي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني مؤخرا بأن 36% فقط من المستطلعة آراؤهم يثقون بالقضاء الفلسطيني، فيما يرى 67% من المستطلعة آراؤهم في الضفة الغربية أن هناك فساد يعتري السلطة القضائية وذلك بحسب استطلاع الرأي السنوي الذي أجراه ائتلاف أمان حول الفساد ومكافحته، الأمر الذي يسجل ترديا ملحوظا، وضعفا في ثقة المواطنين في القضاء، ما يدق ناقوس الخطر، مستوجباً إيجاد حل لإصلاح السلك القضائي، والنهوض به لأن يحظى من جديد بثقة الشارع الفلسطيني.

القضاء المستقل والنزيه والمحايد مطلب شعبي

افتتح المؤتمر بكلمة من السيد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة ائتلاف أـمان، مشددا على أن نجاح عملية اصلاح القضاء وتوحيده تتوقف على مدى وجود إرادة سياسية جدية، بالتزامن مع وجود بيئة ديمقراطية ومجلس تشريعي منتخب، والاحترام لمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات، وعدم استفراد السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية تحت ذريعة الإصلاح، ما يضمن أن عملية الإصلاح لن تستخدم لتصفية حسابات شخصية داخل القضاء وخارجه، ولضمان حماية استقلالية السلطة القضائية وإعادة دورها الحقيقي كجهة رقابية على أعمال السلطات الأخرى، وكضامنة للحقوق والحريات والعدالة وسيادة القانون في المجتمع. كما أكد الحسيني في كلمته على ضرورة تمتع أعمال القضاء بالشفافية والوضوح وحق المواطنين في الوصول اليها خاصة ما يتعلق بنشر قرارات، ومحاضر مجلس القضاء الأعلى وتفعيل التفتيش القضائي، وتمثيل المجتمع في مجلس القضاء الأعلى.

وقد نوّه الحسيني في كلمته الى المطلب الشعبي الذي يتمثل في قضاء مستقل ونزيه ومحايد كركن أساسي من أركان دولة القانون، وضمانة رئيسية لحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية، وإن النهوض بالقضاء الفلسطيني وإصلاحه وتوحيده يعتبر مصلحة وطنية عليا.

وقد تخلل المؤتمر عرض أوراق بحثية وتصورات ومقترحات، إذ تحدثت الجلسة الأولى عن نشأة القضاء الفلسطيني، حيث قدم د. جورج جقمان ورقة عن أهمية دور السلطة القضائية المستقلة في بناء نظام دولة ديمقراطي، في حين قدم د. كميل منصور ورقة حول السلطة القضائية في فلسطين من حيث النشأة والتطور والتحديات، موضحا أن عملية إصلاح القضاء بشكل جذري لا تتم إلا من خلال نظام سياسي فعّال يتّسم بالتعددية ومجلس تشريعي فعّال.

في حين ناقشت الجلسة الثانية التحديات التي تواجه السلطة القضائية، أولها تشكيل مجلس القضاء، وتعيين رئيس المحكمة العليا، في حين أسهب سعادة القاضي عبد الله غزلان حول تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في السلطة القضائية.

تشكيلة مجلس القضاء الأعلى

تطرقت أوراق المؤتمر عن كثب لقضية تشكيلة مجلس القضاء الأعلى، إذ يعتبر تنسيب رئيس مجلس القضاء الأعلى لرئيس السلطة التنفيذية من أهم الاشكاليات التي تعتري الجسم القضائي، وتعد تدخلا سافرا ما يخلق إرباكاً في عمل السلطة القضائية، ويعود ذلك لضعف المجلس نفسه وانشغاله بالمحاصصة والولاءات وخضوعه لتأثيرات خارجية.  كما شدد الائتلاف الأهلي على ضرورة الفصل بين رئاسة مجلس القضاء الأعلى كمنصب إداري  ورئيس المحكمة العليا كمنصب قضائي، ما يسهم في تحقيق الاصلاحات القضائية وتعزيزها، إضافة الى تعزيز المشاركة المجتمعية في عضوية مجلس القضاء الأعلى ، ليشمل أعضاء ذوي خبرة وكفاءة من خارج القضاء على نحو يحدده القانون بشكل واضح وبمعايير اختيار شفافة، وتعزيز منظومة المساءلة في عمل المجلس وتطوير آلية لمساءلة رئيس المجلس، وتبني الانتخاب من الهيئة العامة كأسلوب لتنسيب رئيس المحكمة العليا، وتعزيز منظومة النزاهة في عمل المجلس ووضع ضوابط ومعايير موضوعية وشفافة في تشكيل اللجان والدوائر والوحدات التابعة للمجلس، وتحديد مهامها واختصاصها والعلاقة القائمة فيما بينها، وبخاصة في عملية تعيين القضاة وترقيتهم ومساءلتهم، ناهيك عن تعزيز منظومة الشفافية من خلال نشر جدول أعمال وقرارات مجلس القضاء الأعلى بالوسائل المتاحة.

"القلاع لا تقتحم الا من الداخل"

وعبر المشاركون في المؤتمر أن حالة التراجع التي تسود القضاء الفلسطيني مردها الأساسي تدخل السلطة التنفيذية في القضاء، وفتْح بعض القضاة الباب واسعاً لتدخل السلطة التنفيذيه في الشان القضائي، فيما عملت فئات أخرى على تحويل القضاء الى إقطاعيات ومراكز قوى محصنة لا يجوز الاقتراب منها، عاملين وفقاً لمصالحهم الشخصية على إفشال أية جهود أو مطالبات لإصلاح القضاء، ومعرجين على الاستمرار في تطبيق مبدأ السلامة الأمنية في الدخول الى الوظائف القضائية والعامة، وإحالة أسماء المرشحين للامتحانات القضائية الى الأجهزة الأمنية بعيدا عن معيار الكفاءة والأحقية في دخول المؤسسة القضائية، في ظل عدم وجود سياسة معلنة وإجراءات واضحة وحقيقية داخل المؤسسة القضائية، إضافة الى التدخل في تعيين رؤساء المحكمة العليا دون تنسيب قضائي وعلى نحو مخالف للقانون،  ما يعكس وجود أزمة بنيوية في الجسم القضائي، وتواطؤ بعض المنتفعين مع السلطة التنفيذية، إضافة الى محاولة تعديل قانون السلطة القضائية على نحو يشرعن تدخل السلطة التنفيذية فيه وتقنينه.

وأعرب المؤتمرون عن تخوفهم من استغلال الضغط المجتمعي لإصلاح القضاء من قبل السلطة التنفيذية لحرف الإصلاح عن مساره واستغلاله في تصفية الحسابات الشخصية.

استقلال القضاء الفلسطيني وحوكمة منظومة العدالة

ومن جملة المطالبات التي تكررت طوال المؤتمر تعزيز وحماية استقلال القضاء، عن طريق تجريم التدخل في شؤون القضاء بعقوبة جزائية يضاف إليها العزل من الوظيفة، وبما يشمل كافة العاملين في السلطتين التنفيذية والقضائية وغيرهما، وإلزام القاضي بالإفصاح عن التدخلات التي يتعرض لها بشكل رسمي ومباشر لمجلس القضاء الأعلى، وتفعيل النصوص الدستورية المُجَرّمة للامتناع عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية أو تعطيلها. ورسم الحدود الفاصلة بين أركان العدالة وبخاصة بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، وتحديد الطبيعة القانونية للنيابة العامة باعتبارها شعبة من شعب السلطة القضائية، ووضع آلية لمساءلة النائب العام.

التفتيش والتقييم القضائي

كما تخلل المؤتمر الحديث عن إنشاء لجنة وطنية مستقلة مؤقتة للتقييم القضائي يشكلها مجلس تشريعي منتخب يضم قضاة سابقين ومحامين وأكاديميين وخبراء في الشأن القضائي، تعمل لمرة واحدة وتكون توصياتها ملزمة ونافذة بعد المصادقة عليها. إضافة الى إنشاء لجنة دائمة للتقييم القضائي تتبع لمجلس القضاء، وتمكينها من تقييم جودة الأحكام والقرارات القضائية وامدادها بالموارد البشرية اللازمة. علاوة على تمكين وتفعيل دور التفتيش القضائي من خلال تعزيز استقلاليته ومنع أي فرصة لتضارب المصالح في أعماله، وإخضاع كافة العاملين في السلطة القضائية بما فيهم قضاة المحكمة العليا وأعضاء النيابة العامة للتفتيش القضائي.
وقد حضر المؤتمر مئات الشخصيات القانونية والقضائية، ومجموعة من أساتذة القانون والأكاديميين وطلاب القانون في الجامعات الفلسطينيية، وممثلين عن المؤسسات الإعلامية.

go top