أخبار 2015

الفساد يوحد مطالب الثورات العربية

الفساد يوحد مطالب الثورات العربية

رغم اختلاف السياسات في البلدان العربية، وكذلك لهجاتها وسياسة حكومتها، إلا أن شعوب تلك البلدان اتفقوا مؤخراً على مطلب عفوي  واحد دون إعداد له مسبقا "لا للفساد".

فبالرغم من أن ماهية الفساد السياسي والحكومي واختلافه من بلد إلى آخر، فإن الاحتجاجات التي اندلعت في بعض البلدان العربية تكاد تكون متشابهة.. الفساد الحكومي أرهق اقتصاديات تلك الدول وأفقرها، بينما الفساد السياسي استشرى وتوحش، خاصة وأن الآليات التي اتبعت في تسلم السلطة في غالبية تلك الدول لم تكن خيارًا ديمقراطيًا.

صراعات سياسية

الدول العربية التي اختلفت لسنوات طويلة، بدأ "الفساد" يوحد مطالب شعوبها، ففي العراق الدولة العربية التي مزقتها الصراعات السياسية لسنوات طويلة، مخلفة ورائها آلاف القتلى والجرحى، بدأ شعبها الذي عانى ويلات الحرب في كتابة السطر الأول من سينفونية "توحد مطالب الشعوب العربية"، وبدأ بأول احتجاجاته في الـ15 من يوليو الماضي.

احتجاجات في العراق

فالشعب الذي ظل لفترة طويلة تمزقه الطائفية لم يكن يتخيل لأحد أن ميادين الثورة قد توحده وتجمعه ضد فساد استشرى لسنوات، أضاع خلالها مقدرات شعب لم يعرف سوى الألم والمعاناة..

وتزامناً مع الموجة الحارة في العراق، تضرب بغداد منذ أيام موجة من الاحتجاجات الشعبية، حيث تظاهر عشرات الآلاف العراقيين بالعاصمة بغداد ومحافظات أخرى مختلفة جنوبي البلاد، للاحتجاج على تردي الأوضاع الأمنية والخدمية من انقطاع للكهرباء وتردي المعيشة.

ففي مدينة الناصرية جنوبي العراق خرجت مظاهرات في ساحة الحبوبي وسط المدينة، وردد المتظاهرون شعارات تطالب بتوفير المشتقات النفطية والخدمات والكهرباء. كما طالبوا بمحاسبة المفسدين من المسؤولين.

رحيل المالكي

كما شهدت مدن السماوة والنجف والبصرة والحلة استعدادات أمنية مكثفة، وقد منعت وزارة الداخلية المتظاهرين من حمل السلاح والآلات الجارحة والعصي تحسبا لحدوث أعمال شغب.

ويُحمّل أغلب العراقيين المالكي مسؤولية وصول الحال إلى ما هي عليه الآن، إلى حد أنهم يقولون إنه تسلم العراق 18 محافظة وسلّمه 14، ويقصدون بذلك أنه المتسبب في سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من البلاد.

ولم يغب اسم المالكي عن المظاهرات التي يشهدها العراق الآن، فهو المتسبب في تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، بحسب الشعارات التي رُددت فيها، بالإضافة إلى اتهام أعضاء في مجلس النواب له بذلك.

احتجاجات لبنان

وفي لبنان فالأمر لن يختلف كثيرا، فالاحتجاجات ضربت بيروت منذ قرابة الشهر حينما اكتظت شوارع العاصمة بيروت بالنفايات، بعد أن توقفت شركة جمع النفايات عن العمل، الأمر الذي عجزت الحكومة اللبنانية عن وضع حلول جذرية له.

الأزمة في بيروت رغم أنها بدأت للمطالبة بنقص الخدمات إلا أنها سرعان ما أخذت منحنى آخر واتجهت نحو التصعيد، مطالبة بمحاسبة الحكومة وإقالة النظام، وتتشكلت الحملات الشبابية كحملة "طلعت ريحتكم".

احتجاجات شبابية

وبعد أيام من اندلاع احتجاجات الشباب اللبناني، أصر الأخير على اقتحام مقر الحكومة اللبنانية وسط العاصمة بيروت، كرد فعل على تجاهل الحكومة لمطالبه بعدم محاسبة المسؤولين، وقام عشرات الشبان المنتمين لحملة "طلعت ريحتكم" المنتقدة للمسؤولين اللبنانيين، بمحاولة اجتياز الأسلاك الشائكة التي وضعتها القوى الأمنية اللبنانية في محيط مقر الحكومة.

وعلى الرغم من كون الأزمة تتفاقم سنة بعد أخرى ويتزايد خطرها على اللبنانيين من الناحية الصحّية والبيئية، إلا أن  حلّها أصبح مستعصياً على صانعي القرار.

فالنفايات تلك القشة الصغيرة التي قصمت ظهر صناع القرار السياسي في لبنان، وكشفت النقاب عن روائح الفساد التي ظلت مختبئة داخل أروقة الساسة لسنوات طويلة، وذلك عبر حملة الشباب " طلعت ريحتكم" والتي حملت معها الكثير من المعاني بعد لفظ الشعب اللبناني لسياسييه ونخبه التي ظلت تتحكم في قراراته لسنوات، لتتوحد مطالب لبنان "لا للفساد".

جانب من احتجاجات غرداية بالجزائر

وكذلك الحال مع بعض الدول التي لم تنتفض بشكل علني، إلا أن ثمة تحركات حثيثة بدأت تلوح في أفقها، كما الحال في الجزائر، البلد العربي الذي هرب من موجة ثورات الربيع العربي، لكنه في نفس الوقت يئن وجعاً من كثرة الألم والفساد بحسب مراقبين.

توحش الفساد

نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور مختار غباشي قل إن الفساد توحش في الدول العربية بشكل كبير "للركب"، لذلك انتفض الشباب ضد حكام ورؤساء تلك الدول، مضيفاً أن انتفاضة لبنان والعراق رسالة هامة لباقي حكام العرب، بأن الثورات العربية لن تتوقف.

وأوضح نائب رئيس المركز العربي لـ"مصر العربية" أن محاربة الفساد قد تمتد لدول أخرى، خاصة الشمال الإفريقي وبعض دول الخليج، مشيراً إلى أن احتجاجت العراق وحدته رغم الانقسام والطائفية التي يعيشها منذ سنوات، وكذلك الحال في لبنان.

وتابع: إذ لم يعي الحكام وجنرالات العرب خطورة التمادي والاستمرار في سرقة مقدرات شعوبهم، سيكون هناك ربيع عربي جديد، لكن تلك المرة لن يستطع أحد إيقافه.

وأشار إلى أن الفساد آفة خطيرة والقضاء عليها يحتاج إلى ثورة على غرار موجة ثورات الربيع العربي، قائلاً إن الأيام المقبلة قد تشهد تقلبات جذرية على نتيجتها ستُحدد سياسة تلك الدول.

ميني ثورة

بدوره، قال المحلل السياسي رياض عيسى، إن ما يحدث في لبنان ليس تظاهرة عادية، إنما هي "ميني ثورة"، مضيفاً: الشارع اللبناني توحد ضد الفساد.

وأوضح السياسي اللبناني في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أن صرخة الفساد لن تتوقف حتى يحاسب الفاسدين، وإكمال الاستحقاقات الانتخابية "انتخابات البرلمان واختيار الرئيس"، مضيفًا أن تفاقم الأزمات  والصراع داخل الحكومة يعيق دائما الوصول لحل، بالإضافة إلى التدهور السياسي بسبب الطائفية المنتشرة.

وتابع: مطلوب من الشعب الثائر الاستمرار في الميادين، والضغط على السلطة السياسية الكلام لازال على لسان عيسى، قائلًا: " الحل الأمثل هو الاستمرار في الميادين.

وأنهى السياسي اللبناني تصريحاته: أزمة النفايات كشفت هشاشة هذا النظام وسوء إدارة الملفات وسرقة المال العام، بالإضافة إلى إشعال لبنان في ظل حالة الاستقطاب الحادة وقد تبين للجميع حجم الصفقات والمحسوبيات وطريقة التعامل مع القضايا الوطنية والخدماتية.

 

* المصدر: مصر العربية masralarabia

go top