أخبار 2014

موقف الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة حول موازنة 2014

موقف الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة حول موازنة 2014

يستهجن الفريق الأهلي  رفض وزير المالية السيد شكري بشارة التجاوب مع طلب الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة لعقد جلسة مساءلة حول موازنة 2014 وعدم تقديم موازنة المواطن في موعدها على عكس ما كان متبعا في السنوات الأخيرة بالرغم من المحاولات والاتصالات العديدة من قبل سكرتاريا الفريق "أمان".

كما يستغرب الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة سياسة ادارة الظهر  في تعاطي وزارة المالية مع الفريق ومنظمات المجتمع المدني بما تحمله من توجه خطير لتعطيل الرقابة والمساءلة الشعبية بشأن الموازنة العامة وادارة المال العام، وسيادة ثقافة تعطيل القانون. ويذكر الفريق الاهلي أن  منظمات المجتمع المدني، منذ أكثر من ثماني سنوات متواصلة، عقدت جلسات استماع ومساءلة لوزير المالية حول الموازنة العامة والسياسات الاقتصادية والمالية والانفاق الحكومي بمشاركة واسعة من المواطنين وممثلي القطاعات المختلفة والمؤسسات الدولية ووسائل الاعلام سادها جو من المكاشفة والشفافية وقدم المجتمع المدني خلالها تحليلاته وانتقاداته وتوصياته بخصوصها.

وعليه، قرر الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة نشر موقفه من الموازنة العامة 2014 التي اقرت مؤخرا للاطلاع العام بالرغم من ضآلة المعلومات التي توفرت حولها:

1. جاءت الموازنة العامة 2014 في سياق حالة من الغموض في الإعداد والنقاش وحتى الاعتماد إضافة إلى حدوث تراجع وانتكاسة في النهج التشاركي لوزارة المالية مع الخبراء والأكاديميين ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة خلافا لمبادئ الشفافية ونشر المعلومات.  وذلك في مخالفة واضحة لقانون تنظيم الموازنة رقم (7) لسنة 1998 الذي ينص على نشر الموازنة العامة بعد الاقرار للاطلاع العام بالاضافة الى مخالفة القانون الأساسي المعدل للعام 2003  الذي ينص على تقديم الموازنة للمجلس التشريعي قبل شهرين من انتهاء العام والمواد ذات الصلة في تنظيم الموازنة العامة والشئون المالية لقانون تنظيم الموازنة. وقد دأبت وزارة المالية على مخالفة أحكام قانون تنظيم الموازنة العامة، سيما ما يتعلق بتقديم الموازنة العامة في موعدها القانوني، وهو الأول من شهر تشرين الثاني، حيث تعمل على تقديم الموازنة العامة في اللحظة الأخيرة وبالتالي عدم ترك مجال للقطاعات المختلفة لإبداء الملاحظات ووجهات النظر. وفي ذلك مصادرة لحق جميع الأطراف في مناقشة هذا الموضوع الذي يمس كل مواطن فلسطيني.  كما ولم يتضمن قانون الموازنة العامة للعام 2014، كما هو الحال في الموازنات العامة السابقة، بعض الجداول المؤكد عليها في نص المادة (21) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية ، وهي:
أ. جدول يوضح الوضع المالي والنقدي لحساب الخزينة العام.
ب. جدول يوضح ما للسلطة الفلسطينية وما عليها من ديون أو قروض (داخلية) قصيرة أو طويلة الأجل، والخطط المقترحة لتحصيلها أو تسديدها.
ت. جدول يوضح مساهمات السلطة الفلسطينية واستثماراتها في الهيئات والشركات المحلية وغير المحلية.
إضافة إلى ذلك فإن ما أعلن عنه في الموازنة العامة 2014 لم يظهر سوى البيانات الرئيسة، دون أية كشوفات أو بيانات تفصيلية تتعلق بأي من بنود الإيرادات أو النفقات، أو البيانات المتعلقة بأي من مراكز المسؤولية.

2. غياب خطاب الموازنة الذي يوضح السياسات الاقتصادية والمالية للسلطة الفلسطينية والأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي السلطة الفلسطينية من خلالها تحقيقها كلياً أو جزئياً، والاعتبارات والمرتكزات الأساسية التي استندت إليها تقديرات الإيرادات والنفقات والتي ستحكم أولويات الإنفاق وحجومها. ما يعكس غياب رؤية واضحة حول اهداف الموازنة للعام 2014 وعدم انسجامها مع تعهد الحكومة الحالية بتحسين الوضع العام للمواطنين الفلسطينيين وتخفيض عجز الموازنة العامة وتخفيض الدين العام. بل يفتح الباب على مصراعيه للحكومة لاقرار السياسات ذات العلاقة والتصرف بمصير الموازنة والتحكم بها بما يخدم رؤيتها دون الالتفات لرؤى المجتمع المدني والقطاع الخاص التي طرحت في اجتماعات الحوار الوطني مع الحكومة على اثر اندلاع حركات الاحتجاج في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية في العامين 2011 و 2012 احتجاجا على ارتفاع أسعار السلع الأساسية والتأخر في دفع رواتب العاملين في القطاع الحكومي والتآكل في القيمة الشرائية للرواتب والأجور.

3. جاءت موازنة 2014 بذات الخلل الهيكلي "البنيوي" المزمن في جانبي النفقات والواردات ونسخا عن سابقاتها على الرغم من تبني موازنة البرامج والأداء كما تصرح وزارة المالية منذ 2007، حيث أتت الموازنة ببنود وأرقام صماء بدون معلومات شاملة وتفصيلية حول البرامج والخطط والمشاريع المخصصة لكل قطاع من قطاعات الموازنة، كذلك آليات التنفيذ والعمل. كما أوردت نفقات جارية تفوق مواردها وامكانياتها، ما يعكس تضخما مستمرا في هيكل السلطة الفلسطينية الناتج عن التوسع في تأسيس المؤسسات الوزارية وغير الوزارية وما ترتب عليه من نفقات جارية ثابتة وتضخم الجهاز الوظيفي وصل الى 153 ألف موظف شكلت فاتورة الرواتب بسببه عبئا ثقيلا وتأثيرا مباشرا على الموازنة العامة.

4. من خلال تحليل الإيرادات المحلية المتوقعة (جباية محلية + مقاصة) نلاحظ خللا واضحا في الشفافية ونقص المعلومات، حيث لم يتم ذكر أي تفصيلات لذلك، وإنما تم ذكر فقط أرقام مجملة لكل من بند الجباية المحلية والمقاصة، حيث تتوقع موازنة 2014 زيادة في الايرادات المحلية بنسبة 10.7% ( زيادة الجباية المحلية بنسبة 11% والمقاصة 10.5% عما تحقق عام 2013)، ولكن لم توضح كيفية أو آليات العمل لتحقيق تلك الزيادة. مما يوحي ان الحكومة ستحقق هذا من خلال اعادة توزيع العبء الضريبي على كاهل المواطن كما يمكن استخلاصه من اصدار قرار بقانون صدر عن الرئيس بتاريخ 11/3/2014 بتعديل القرار بقانون رقم 8 لسنة 2011 من خلال منح اعفاء ضريبي كامل على الارباح الرأسمالية الناجمة عن بيع الاوراق المالية من المحافظ الاستثمارية وفرض ضريبة دخل على مكافأة نهاية الخدمة في حين نص قانون ضريبة الدخل لسنة 2004 على اعفائها كليا من الضريبة كما نص على اعفاء المزارعين منها. ما يعني انحياز الحكومة لشريحة من اللاعبين الكبار في الوقت الذي يجب اعادة توزيع الدخل بما يساهم في جسر الفجوات بين شرائح المجتمع المختلفة وتخفيض الفقر ودعم ذوي الدخل المحدود وتحقيق العدالة الاجتماعية.

5. يلاحظ أن هناك اعتماد كبير على المساعدات الخارجية والمنح، وبزيادة 23%عن المتحقق في موازنة 2013  بلغت 1,629 مليون دولار، منها 1,329 لدعم الموازنة مشكلا 31.5% من مجمل موازنة 2014. في حين لا يوجد تفصيلات على أي أساس تم اعتماده، وما هي البدائل حال لم يتوفر هذا الدعم خاصة انه مرتبط بالمسار السياسي، لذلك فإن عدم وصول أي جزء من هذه المساعدات كما هو متوقع سيؤدي حتماً إلى آثار سلبية كبيرة مالياً واقتصادياً كما حصل في تنفيذ الموازنة العامة السابقة.

6. على الرغم من إطلاق السلطة الفلسطينية لخطتها التنموية 2014-2016، إلا أن الموازنة المخصصة للتطوير بقيت 350 مليون دولار كما هي في موازنة 2013 على الرغم أنه لم يتحقق منها سوى الثلث عام 2013، ولا تشكل سوى نسبة 8% من النفقات العامة، ويعتمد 86% منها (300) مليون دولار على المساعدات الخارجية غير المضمونة، ولا توجد أي تفصيلات عن أي خطط تطويرية يتم الحديث عنها أو ما هي ضمانات الحصول على التمويل الخارجي للتطوير. ما يعني عدم حصول السلطة على المنح الخاصة بالمشاريع التطويرية مما سيضعها في حالة من الإرباك في تنفيذ هذه المشاريع. ومن الجدير بالذكر انه تم إطلاق خطة تنموية دون مواكبتها بالموازنات اللازمة، الامر الذي يعزز وجود فجوة واضحة بين تخطيطنا التنموي وتخطيطنا المالي.

7. لم تتطرق موازنة 2014 لتفاصيل الدين العام وطبيعته وآليات السداد والاعتبارات والمعايير التي تم اعتمادها لذلك. وقد كان رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله قد صرح بأن الدين العام بلغ 5 مليار دولار وعملت الحكومة على تخفيضه بمقدار 400 مليون دولار. إلا انه وبالرغم من ذلك لم يرد في القرار بقانون الموازنة العامة 2014 أية جداول أو تفاصيل تتعلق بالدين العام، أو الجهات الدائنة أو حجم أقساط القروض، وقيمة الفوائد التي تدفع من الموازنة العامة لخدمة الديّن العام، إضافة إلى عرض السلفيات التي حصلت عليها الحكومة من الشركات في العام 2013 وهي خاصة بحسابات العام 2014، واليات التعامل معها واحتسابها، وغيرها. كما لا توجد آلية واضحة لسد العجز الحالي سوى الاعتماد على المساعدات والمنح، وكذلك لا توجد خطط واضحة لسد العجز التراكمي الذي أصبح كبيرا جدا بالنسبة للناتج للمحلي. وهذا يثير التساؤل مرة أخرى حول مدى شفافية الموازنة العامة ووضوحها.

8. توقعت موازنة 2014 أن يبلغ صافي الاقراض (167) مليون دولار ولكن لم ترد اي بنود وتفصيلات لصافي الإقراض، علما أنه قدر بقيمة 105 مليون دولار في مشروع موازنة العام 2012، إلا أنه جاء فعلياً أعلى من ذلك بكثير حيث بلغ 162 مليون دولار. ورغم انه حدد بمبلغ 81.1 مليون دولار في مشروع موازنة 2013، إلا انه بلغ عمليا 205.4 مليون دولار.
وبناء على ما تقدم يرى الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة  ان موازنة الحكومة الفلسطينية لا تعكس السياسة المالية للحكومة، وانها موازنة غير مبنية على خطة تنمية واضحة الاهداف، بل تعكس موازنة طوارىء وادارة ازمات وضعت من قبل وزارة المالية لوحدها، وانها لا تزال تعاني من ضعف شديد في الشفافية ونشر المعلومات.

وعليه، يطالب الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة وزارة لمالية  أن تغادر سياسة التجاهل وادارة الظهر للآخرين. ويطالب الحكومة بتبني سياسة حقيقية وواضحة تجاه مشاركة فعلية لمختلف الاطراف والشرائح المجتمعية؛ المجتمع المدني والقطاع الخاص والنقابات العمالية والتنظيمات الشعبية في رسم السياسات الاقتصادية والمالية بما يحقق العدالة الاجتماعية ويخفض معدلات البطالة والفقر. بالاضافة الى إعادة النظر في آلية إعداد الموازنة العامة بحيث تراعي التزامها بسيادة القانون وتستند على السياسة العامة المعلنة من قبل السلطة الفلسطينية، وأن تكون أداة حقيقية للسياسة المالية وأن تُعد ضمن أهداف واضحة ومحددة، وأن تتمتع بقدر كاف من الشفافية والوضوح وتكفل مشاركة فعلية للمجتمع المدني والمواطنين في الاطلاع والرقابة عليها والمساءلة حولها.

go top