أخبار 2018

"أمان" يبارك التعديلات الجديدة على قانون مكافحة الفساد ويأمل بسرعة الالتزام بأحكامها ويدعو مجلس الوزراء إلى تنسيب رئيس مستقل ونزيه وكفؤ ومهني للهيئة

"أمان" يبارك التعديلات الجديدة على قانون مكافحة الفساد ويأمل بسرعة الالتزام بأحكامها ويدعو مجلس الوزراء إلى تنسيب رئيس مستقل ونزيه وكفؤ ومهني للهيئة

رام الله- بارك الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان في بيان صدر عنه إصدار قرار بقانون رقم (37) لسنة 2018 بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد بتاريخ 8/11/2018 ونشره في العدد 149 من الوقائع الفلسطينية، معتبرا أن معظم تلك التعديلات قد فتحت صفحة جديدة في الإطار التشريعي الفلسطيني ذو العلاقة بمكافحة الفساد. حيث أثبتت التجربة العملية والاختبار الفعلي لنصوص التشريع السابق لمدة قاربت التسع سنوات انه بحاجة إلى إجراء العديد من التعديلات المهمة انطلاقا من اعتبارات الموائمة مع متطلبات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد بعد ان اصبحت فلسطين طرف موقع وملتزم بأحكامها، والاتفاق مع الممارسات الدولية الفضلى في مجال مكافحة الفساد، وقابلية نصوص القانون للتطبيق على ارض الواقع خصوصا لاعتبارات عدم الوضوح في الصياغة التشريعية لبعض نصوص القانون من جانب، وعدم الانسجام مع البيئة المحلية والواقع الفلسطيني من جانب آخر. وأشار أمان إلى أن معظم التعديلات الجديدة جاءت متفقة مع توصيات ائتلاف أمان التي تضمنتها الأبحاث والتقارير والدراسات والمراجعات القانونية المتخصصة التي قام بها.

وأشار الائتلاف في بيانه إلى عدد من التعديلات المتفق معها في القرار بقانون المعدل مثل: تجريم عدم الإفصاح عن حالات تضارب المصالح وتجريم إعاقة سير العدالة في قضايا الفساد، وتجريم إساءة الائتمان عندما تقع من قبل الخاضعين لأحكام القانون، وإعطاء تعريفات محددة للجرائم المنصوص عليها في القانون، وخصوصا الكسب غير المشروع، إساءة استعمال السلطة، المتاجرة بالنفوذ، وإزالة بعض الجرائم غير الواضحة (كالمساس بالمال العام) والجرائم المخلة بالثقة العامة وبعض الجرائم المتعلقة بالموظف العام والتي تمثل في القانون الحالي واحدة من أبرز المخالفات في مجال اصول التجريم والعقاب. 

وأشاد الائتلاف أيضا بالتأكيد على التفرغ التام لرئيس هيئة مكافحة الفساد في عمله، وعدم جواز توليه أية مهام ومناصب وأعمال أخرى خارج عمله في الهيئة تجنبا لتضارب المصالح، وتخفيف عقوبة الواسطة والمحسوبية من عقوبة جنائية (السجن من 3 الى 15 سنة) الى عقوبة جنحية (الحبس حتى سنتين) بما يجعل من ايقاع العقوبة على هذه الجريمة قابل للتطبيق على ارض الواقع، إضاقة إلى إزالة اللبس بين جريمة الواسطة وجريمة الرشوة نتيجة للخطأ الوارد في تعريف الواسطة في التشريع السابق، وتحديد الإجراءات المتعلقة بحماية المبلغين عن الفساد، وتجريم الاعتداء على المبلغين عن الفساد، وإمكانية مكافأة المبلغين عن الفساد، وتضييق نطاق المكلفين بتقديم اقرارات الذمة المالية بما يمكن الهيئة من المتابعة على هذه الإقرارات، وتحديد جرائم غسل الاموال بالمرتبط منها بجرائم فساد فقط، وإخضاع جميع الجهات التي تتلقى دعما من موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية لقانون مكافحة الفساد، والتأكيد على الغاء أية قرارات رسمية ناتجة عن أفعال فساد وفقا للقوانين الفلسطينية النافذة، كإلغاء التعيينات الناتجة عن أفعال واسطة ومحسوبية.

وأثنى الائتلاف أيضا على ما تضمنته التعديلات من التأكيد على مبدأ القضاء المتخصص في قضايا الفساد من خلال النص على انشاء هيئة استئناف للنظر في الطعون المقدمة بدعاوى فساد، والتأكيد على مبدأ النفاذ المعجل فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الصادرة في قضايا الفساد، بما يعزز من منع الإفلات من العقاب، والتأكيد على تقديم جميع الدفوع دفعة واحدة منعا للماطلة والاطالة في قضايا الفساد أمام محاكم الفساد، والتأكيد على سرعة الاجراءات المطلوبة امام المحكمة بما يسهم في عدم المماطلة في المحاكم، والتأكيد على المسؤولية الجزائية للشخصيات الاعتبارية عن جرائم الفساد، إضافة إلى التأكيد على أن نيابة مكافحة الفساد هي نيابة متخصصة كغيرها من النيابات المتخصصة كنيابة الجرائم الاقتصادية ونيابة الأحداث والأسرة، وتعديل فكرة النيابة المنتدبة حتى لا يمس ذلك بوحدة النيابة العامة ولا يمس بمبدأ الحق الدستوري الممنوح للنيابة العامة بتحريك الدعوى العامة.

أما التعديلات التي لا يتفق ائتلاف أمان معها، فقد خفضت مدة رئاسة الهيئة من سبع سنوات إلى أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة من أخطر المواد التي أتى بها التعديل كونها قد تمس بمفهوم الحصانة لرئيس الهيئة كونها قد تجعله –في هذه الفترة التي لا يوجد بها مجلس تشريعي- يسعى نحو رضا القائمين على الأمر طمعا بتمديد فترة رئاسته، بالإضافة إلى حصر الإبلاغ بالهيئة: حيث أن قصر الإبلاغ بالهيئة يحد من المفهوم الواسع للابلاغ والذي يفترض ان يكون اوسع من ذلك، فابلاغ الجهة الرسمية نفسها التي وقع فيها الفساد (دوائر الشكاوى مثلا) او رئيس الدائرة الحكومية إذا كان من موظف على موظف اخر او على مسؤوله وكذلك ابلاغ ديوان الرقابة المالية والادارية او ابلاغ ديوان الموظفين العام أو النيابة العامة أو إبلاغ المراقبين الماليين والإداريين، أو إبلاغ مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة، يجب أن يعفي المبلغ من التقدم للهيئة نفسها. خصوصا عندما لا يكون هنالك وضوح في مدى اعتبار المخالفة المبلغ عنها شكل من اشكال الفساد المعرّفة وفقا للقانون لا سيما مع المواطنين العاديين الذين قد يكون من الصعب عليهم التمييز ما بين المخالفات العادية وأفعال الفساد، ناهيك عن الوقت الطويل الذي تأخذه بعض الشكاوى في أروقة الهيئة حتى يتم اعتمادها وتحويلها إلى النيابة المختصة على أنها شبهات فساد. كما أن هذا الحصر لا ينسجم مع الفلسفة والمبررات الموضحة في الفقرة السابقة، من جهة، ولا تنسجم مع الممارسات الفضلى في هذا الجانب (الدليل الإرشادي حول الابلاغ عن الفساد المعد من منظمة الشفافية الدولية في العام 2015).

وأشار أمان إلى أن تخفيض عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة الى عقوبة جنحية يتعارض مع ضرورة التشديد في العقوبات على جرائم الفساد وفقا لمتطلبات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، مشيرا في ذات الوقت إلى استمرار الخلط في تعريف مفهوم " تضارب المصالح" حيث ان التعريف المستخدم غير دقيق من حيث ان حالة تضارب المصالح هي مرحلة تسبق تأثر الموظف بوجود مصلحة خاصة له، حيث ان تأثر الموظف بالمصلحة الخاصة يصبح جريمة فساد تامة قد تكون واسطة او استغلال نفوذ او استثمار وظيفة، وكان من المفترض لتقديم تعريف دقيق لحالة تضارب المصالح استخدام عبارة "احتمالية التأثر" وليس "التأثر" او عبارة " قد تتأثر" عوضا عن عبارة " تتأثر".

وأوضح أمان أن التصميم على دور الهيئة في وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد: حيث نرى ان في هذا استفراد من قبل الهيئة في وضع هذه الاستراتيجية الوطنية على الرغم من أن إقرار السياسات والخطط الوطنية هو أحد اختصاصات الحكومة وفقا للقانون الاساسي. كما أن المنطق والتجارب الدولية الناجحة تتطلب شراكة كاملة من جميع القطاعات الوطنية في ذلك، بما فيها القطاع الأهلي والقطاع الخاص، كما وأن السماح لهيئة مكافحة الفساد بتقبل التبرعات والمساعدات غير المشروطة، قد يؤثر على عمل الهيئة وضمان استقلاليتها المطلقة الأمر الذي يستوجب أن لا تتقبل اي مساعدات او تبرعات حتى لو كانت غير مشروطة.

واستغرب أمان من إبطاء نفاذ القرار بقانون لمدة 4 أشهر من تاريخ صدوره، أي حتى تاريخ 8/3/2019، مع وجود خشية أن السبب من وراء ذلك شخصي يعود لفترة ولاية رئيس الهيئة الحالي، مما يؤكد على العبارة التي كثيرا ما تحدثنا عنها في الآونة الأخيرة وهي "التشريع على مقاس المسؤول".

وطالب أمان بأن لا يتم إغفال تعديلات مهمة ومطلوبة على القانون في المستقبل مثل أهمية التشديد في العقوبات على جريمة الرشوة والاختلاس واستثمار الوظيفة العامة، وتحويلها من عقوبات جنحية (الحبس لمدة لا تزيد عن 3 سنوات) إلى عقوبات جنائية (السجن من 3 سنوات الى 15 سنة) استجابة لمتطلبات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، والنص على التشدد في منح العفو الخاص في جرائم الفساد: على الرغم من ان واحد من المتطلبات التي اكدت عليها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد هو عدم حيلولة العفو الخاص دون محاسبة الفاسدين، وضرورة إخضاع الشركات الخاصة التي تدير مرفقا عاما (كشركات الكهرباء والاتصالات) لقانون مكافحة الفساد، على الرغم من ان ادارتها لمرفق عام وتقديمها خدمات عامة يمنحها نفوذ يجب في حال استغلاله اعتبار الفعل جرم فساد من القائمين والعاملين في تلك الشركات، بالإضافة إلى ضرورة اعتبار إقرارات الذمة المالية لكبار الخاضعين للقانون (الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء وأعضاء التشريعي ورؤساء المؤسسات العامة والمحافظون ورؤساء الاحزاب والنقابات) اقرارات معلنة يمكن للجمهور الاطلاع عليها من خلال نشرها على موقع الهيئة، حيث يعزز هذا من الجانب الوقائي ويعزز من الرقابة المجتمعية والقدرة على الإبلاغ عن الفساد من قبل المواطنين. وهي مسألة تنسجم مع الممارسات الدولية الفضلى في هذا الجانب.

وطالب أمان أيضا بضرورة تجريم عدم الابلاغ عن الفساد وتحديد عقوبة له، وهي واحدة من ضمانات الابلاغ عن الفساد التي يخلو منها القانون الحالي، وضرورة تبني مبدأ الانفتاح والمكاشفة في ملاحقة قضايا الفساد التي تثير الرأي العام، بحيث يتم الكشف عن المعلومات العامة ذات العلاقة بقضايا الفساد المهمة دون المساس بسرية التفاصيل المتعلقة بالتحقيقات ودون المساس بقرينة براءة المتهم حتى تثبت ادانته. خصوصا وان هذه المسألة متبعة في الممارسات الدولية الفضلى (كالقانون الجزائري 2005).

واختتم أمان بيانه بدعوة مجلس الوزراء بالتنسيب إلى السيد الرئيس حسب الأصول باسم رئيس الهيئة الجديد ووضع مواصفاته ومؤهلاته التي يجب أن تقوم على أساس الاستقلالية والنزاهة والكفاءة والمهنية بعيدا عن الاعتبارات السياسية أو أية اعتبارات غير مهنية لا تضمن وصول شخصية مهنية مستقلة وقوية يتطلبها هذا المنصب المهم والخطير.

go top