أخبار 2018

إعلان القدس لمكافحة الفساد خطوة أقرب لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة

إعلان القدس لمكافحة الفساد خطوة أقرب لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة

مطالبة الجهات الرسمية والأهلية والشعبية بإعداد خطة وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفساد

رام الله- تبنى نشطاء في الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية والبرلمانية، وشبكات واتحادات وائتلافات ومؤسسات المجتمع المدني مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والعديد من الشخصيات الأكاديمية والاعتبارية المستلقة مبادرة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان المطالِبَة بإعداد خطة وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفساد، موقّعين على البيان الختامي المعنون بـ"إعلان القدس لمكافحة الفساد"، وذلك عقب مؤتمر الخطة الوطنية الشاملة لمكافحة الفساد: جسر الهوة بين الواقع والمأمول، والذي عقد يوم الاثنين في جمعية الهلال الأحمر في البيرة.

وقد استهلّ السيد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة أمان، كلمة المؤتمر، موضحاً أن المؤتمر هو نتاج جهد جماعي، وليس ملكاً لمؤسسة أو عدة مؤسسات، بل تتويجاً لارادة جميع أفراد المجتمع بمحاربة الفساد أولا، مطالباً الحكومة باتخاذ إجراءات أكثر جدية في مكافحته، ومستشهدا بنتائج استطلاع الرأي حول واقع الفساد ومكافحته للعام 2018، والذي بيّنت أن المشكلة الأساسية التي تنخر مجتمعنا وتستوجب حلا، هي استشراء الفساد، تليها الأزمات الاقتصادية ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي كأهم ثلاث مشاكل يجب أن تحظى بالأولوية للحل، كما أن 83% من المستطلعة آراؤهم يرون أن جهود مكافحة الفساد في فلسطين غير كافية،  فيما اعتقد 67% منهم بأن الفساد ازداد خلال عام 2018 و51% منهم يعتقدون أن الفساد سيزبد أكثر في العام 2019.

وقد وضع الموقعون صياغة خطة وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفساد وإقرارها على سلم أولوياتهم، لكونها خطوة أقرب للتحرر من براثن الاحتلال، وتوصيةً تصدرت تقرير واقع النزاهة ومكافحة الفساد الذي ينشره ائتلاف أمان بشكل سنوي قرابة عقد من الزمن. وقد أعلن المشاركون تحرّكهم الفوري وشروعهم بالضغط والمناصرة من أجل تحقيق مُرادهم، واضعين نصب أعينهم بناء نظام نزاهة وطني قوي يحصن جميع الأطراف من الفساد.

وأجمع كافة المشاركون من مختلف الجهات الرسمية والأهلية والشعبية ما جاء بالبيان بغية توحيد الجهود المبعثرة والمجزأة وإدراجها في منظومة متكاملة لتكريس مبدأ المواطنة المتساوية، مؤكدين على ضرورة بلورة موقف واضح وحاسم لمكافحة الفساد، لاستعادة الثقة المفقودة، وبما يعزز من صمود شعبنا في شطري الوطن لا سيما في مدينة القدس والقاطنين في الأراضي المصنفة "ج"، ومطالبين بفتح باب الشراكة في إعداد، وإقرار وتنفيذ ومتابعة الخطط والاستراتيجيات الخاصة بمكافحة الفساد مع كافة مكوّنات المجتمع لكي تتسم بالشمولية والتكاملية وترتقي لتكون استراتيجيات وطنية شاملة، عابرة للقطاعات، وتشاركية لمكافحة الفساد، موضحين أن وجود خطة وطنية شاملة لمكافحة الفساد ليست حكرا على طرف رسمي متخصص وليست مناطة فقط بهيئة مكافحة الفساد، وانما تدخل في صلب حياة المواطن العادي، الذي يقف في مقدمة المواجهة مع جميع الأطراف الأهلية والقطاع الخاص والهيئات المحلية والأكاديمية، ويتوجب أن يصادق عليها من مجلس الوزراء وفقاً للأصول المتبعة في إقرار الخطط الوطنية بما يعزز دور هيئة مكافحة الفساد، والتي قاطعت المؤتمر بالرغم من الدعوات المتكررة لها بالانضمام اليه.

وجاء في متن البيان الإجماع على شن حرب على الفساد، والدعوة الى الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، وهي أهم أعمدة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وصولا الى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة المستقلة، وصون النضال السياسي، داعين الى توفر الإرادة السياسية القاطعة، وسن قوانين رادعة من أجل حفظ المال العام والموارد والمصادر الفلسطينية من نهب الفاسدين، وصرف الأموال على بنود تقع ضمن الأولويات الوطنية.

كما دعا البيان الى المطالبة والإسراع في تعديل قانون مكافحة الفساد بما ينسجم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتطبيقه ليأخذ حيز التنفيذ في قطاع غزة، وإدراجه ضمن "سلة" جهود المصالحة وفي سياق العمل على صعيد توحيد الأجهزة الحكومية والقضائية في كل من الضفة وقطاع غزة.

وأكد البيان أيضا أن وجود خطة وطنية لمكافحة الفساد تشمل تجريم الفاسدين وملاحقتهم قضائيا، وضمان عدم الإفلات من العقاب، وملاحقة الفارّين من وجه العدالة ممن ارتكبوا أفعال فساد ونهب للمال العام من أجل استرجاع الأموال والأصول التي استولوا عليها دون وجه حق، بالإضافة الى تعزيز الوعي في الآليات الوقائية، والحدّ من الوقوع بأفعال فساد في القطاعات الرسمية والأهلية والخاصة، ومعالجة أسبابه، وإيجاد الرأي العام المناوئ لمظاهره، وتضمينه في السياسات والاجراءات والبرامج التنفيذية الملزمة لدى المؤسسات العامة كافة، تحقيقاً لما ورد في أجندة السياسات الوطنية: المواطن أولا (2017 – 2022) التي عبرت عن توجهات لتعزيز قيم النزاهة وتبني مبادئ الشفافية، بالإضافة الى رفع شعار أهمية المساءلة وحق المواطن في تقديم الشكاوى ومسؤولية وجدية متابعتها، فضلا عما تضمنته الأولوية الوطنية الخامسة والتي جاءت تحت عنوان "الحكومة الفعّالة"، وما احتوته السياستان التاسعة والعاشرة بعنوان "تعزيز المساءلة والشفافية" وكفاءة وفعالية إدارة المال العام.

كما طالب الموقعون بسن قانون أو نظام لحماية المبلغين، معلنين عن تشكيل لجنة تهدف للدفاع عن المبلغين والشهود بكافة الوسائل المتاحة، والمطالبة بإصدار قانون "الحق في الحصول على المعلومات" وقانون "الأرشيف الوطني" اللذين بدونهما لا يمكن الوصول الى المعلومات، ولا يمكن القيام بالرقابة والمساءلة وتحريك القضايا ضد المشتبهين بارتكاب جرم الفساد لدى الجهات المختصة بذلك. كما عرّج البيان على إتاحة المجال للصحفيين للقيام بدورهم في إعداد التحقيقات الاستقصائية والتقارير دون تقييدهم أو منعهم من الوصول إلى مصادر المعلومات. إضافة لعدم إصدار تشريعات تمنع تضارب المصالح أو التي تنظم انتقال المسؤولين من القطاع العام إلى الخاص، وتفعيل نظام الشراء العام، ونظام إقرارات الذمة المالية، وإجراءات الرقابة على مالية الأحزاب وتمويل الحملات الانتخابية.

وقد تضمن المؤتمر في طياته ثلاثة محاور رئيسية، وهي: واقع مكافحة الفساد في إطار الاتفاقيات الدولية والتطبيقات العملية، وأثر الفساد على حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وأخيراً الخطة الوطنية لمكافحة الفساد ما بين المفهوم والتطبيق والاحتياجات.

وقد تطرق عرض الأوراق البحثية، لتقارير الظل الوطنية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحديدا الهدف ١٦، والذي يتناول موضوع المؤسسات الممكنة والفاعلة والخاضعة للمساءلة من أجل تحقيق آمال الشعوب في حياة كريمة ومستقرة، حيث كشف التقرير التحديات التي تعصف في جهود مكافحة الفساد، خاصة في ما يعانيه قطاع العدالة والقضاء من المسّ باستقلاليته بسبب تدخل السلطة التنفيذية في شؤونه، إذ تشهد الحالة الفلسطينية تراجعا في مجال شفافية المعلومات وحجبها عن الجمهور من قبل الحكومة، خاصة تلك المتعلقة بعقود تنظيم الخدمات الأساسية، كما وأوقفت الحكومة نشر قراراتها على صفحتها الالكترونية منذ العام 2017، ولم تشرك ممثلي المجتمع المدني في نقاش الموازنة العامة، ولم تنشر معظم الوثائق المتعلقة بها.

فيما كشف تقرير استعراض مدى التزام دولة فلسطين بأحكام الفصل الثاني التدابير الوقائية، والفصل الخامس حول استرداد الموجودات من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC، عدم التزام دولة فلسطين بتبني اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد كقانون وطني، ولم يتم نشرها في الجريدة الرسمية الفلسطينية لتصبح أحكامها ملزِمة للمكلفين بها كما هو متبع دستوريا وأصوليا وفقا للإطار القانوني الساري، وذلك بالرغم من الانضمام والتوقيع عليها رسميا منذ العام 2014، كما أشار التقرير لعدم وجود اتفاقيات ثنائية في مجال التعاون القضائي الدولي سواء على صعيد استرداد الأصول المسروقة أو على صعيد تسليم المجرمين.

وقد استعرضت نتائج دراسة النظام الوطني للنزاهة 2018، والتي اعتمدت على منهجية معدة مسبقا، أشارت الى حصول لجنة الانتخابات المركزية والمجتمع المدني على أعلى العلامات، فيما حصل المجلس التشريعي والسلطة التنفيذية على علامات متدنية، ويعود ذلك الى ضعف دورهما في مكافحة الفساد بسبب تعطل التشريعي، وعدم قيامه بمهامه الرقابية على الحكومة والمؤسسات العامة.

وقد عرّج الدكتور عمار دويك، مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، على أن الإعمال الحقيقي لحقوق الإنسان التي نصت عليها المعايير الدولية في شتى مجالات عمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، لا يمكن أن يتأتى إلا بمكافحة كل صور الفساد التي قد تعيق هذا الإعمال، مضيفاً أن الكثير من الشكاوى التي تتابعها الهيئة من سوء المعاملة والتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية، لا تستطيع إلزام الجهات الرسمية على العمل بتوصياتها، داعيا الى التشاركية مع كافة "اللاعبين" في المجتمع المدني للعمل كل حسب دوره للحد من الفساد في المجتمع الفلسطيني.

فيما أشار السيد محمود زيادة، من اتحادات النقابات المستقلة، الى حرمان الطبقة المسحوقة من الحماية الاجتماعية مع وجود آلاف من القضايا المكدسة في المحاكم القضائية، مع التنويه أنه لا يوجد محاكم متخصصة في قضايا العمال الذين يعملون دون الحدّ الأدنى للأجور، وبدون حقوق وإجازات وعطل أسبوعية وسنوية، مع حرمان لمكافأة نهاية الخدمة.

في حين قدم السيد فكتور اليستر، المدير التنفيذي للشفافية الرومانية، مثالا يحتذى به على المستوى الدولي بنقله التجربة الرومانية في إعداد خطة وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفساد.

وقد فاضت القاعة المكتظة جدا بالمشاركين بعدد غير مسبوق من المداخلات كان أهمها موضوع المتقاعدين قسراً من شباب ونساء وأشخاص من ذوي الإعاقة وإقالتهم وهم في أوج عطائهم، والأمن الوظيفي في ظل سياسة التفرد والشخصنة والتسييس في عملية اتخاذ القرارات، بالإضافة الى ازدواجية الرواتب ووضع من يتقاضونها تحت المجهر، والتطرق الى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المغيبة عن الساحة الفلسطينية، بالإضافة الى بعض المداخلات من طلبة الجامعات الذين عرجوا على الفساد في توزيع المنح الدراسية، وأخرى من مواطنين بخصوص شبهات فساد في تقديم المؤسسات الرسمية للخدمات من صحة ودعم الأسر الفقيرة، منتقدين نظام التأمين الصحي الحالي، والمسّ باستقلال منظومة القضاء، والبطالة المتغلغلة في المجتمع لصالح أبناء المتنفذين، وعدم تطبيق قانون الحدّ الأدنى للأجور، مع استثناء الطبقة الفقيرة والأكثر حاجة من الضمان الاجتماعي.

 

go top