آخر الأخبار

بريطانيا تتعهد بمحاربة تبييض الأموال في قطاعها العقاري

بريطانيا تتعهد بمحاربة تبييض الأموال في قطاعها العقاري

منظمة الشفافية تؤكد أن بريطانيا أصبحت ملاذا للأموال القذرة، ومخاوف من تغيرات ديمغرافية خطيرة نتيجة ارتفاع أسعار العقارات.

 

لندن - دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس من سنغافورة، التي يزورها إلى توقف الأجانب عن شراء العقارات في بريطانيا مستخدمين “أموالا منهوبة أو لا يعرف مصدرها” ضمن جهود دولية للقضاء على الفساد وتبييض الأموال.

وتواجه لندن تحديات كبيرة، لأن العديد من العقارات الفخمة باهظة الثمن مملوكة لشركات مسجلة في الملاذات الضريبية الآمنة، وبالتالي لا تكشف عن ملاّكها الحقيقيين، ما يجعل رصد تلك الاستثمارات غير المشروعة أمرا صعبا، وسط تحذيرات من أن طلب الأثرياء المتزايد على العقارات البريطانية ينذر بتغيير الخارطة الديمغرافية.

ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة البريطانية إجراءات صارمة في القطاع العقاري للكشف عن الشركات الوهمية التي توظف أموالا مشبوهة في شراء العقارات الفارهة في إنكلترا.

وتعهد رئيس الوزراء بالكشف عن استخدام “شركات وهمية مجهولة” في شراء عقارات باهظة الثمن في بريطانيا، معظمها في لندن، بـ”أموال قذرة”.

وتصنّف الوكالة الوطنية للجريمة، الشركات الوهمية ضمن شركات غير تجارية تخدم هدفا خاصا لأصحابها، فيما تشير بيانات بريطانية إلى وجود أكثر من 100 ألف عقار مسجّل لشركات أجنبية، كما يوجد في لندن أكثر من 36 ألف عقار تملكها شركات في الخارج، وهي عقارات وأراض يبلغ إجمالي قيمتها نحو 122 مليار جنيه إسترليني في إنكلترا وويلز لوحدهما.

وتعتزم الحكومة البريطانية هذا العام، نشر بيانات السجل العقاري، للكشف عن أسماء الشركات الأجنبية وما تمتلكه من أراض وعقارات في إنكلترا وويلز. وقد يدفع هذا الإجراء الشركات الأجنبية – التي تسعى إلى الحصول على عقد حكومي – إلى الإفصاح علنا عن اسم مالكها الحقيقي.

ويقول خبراء، إن أكبر تحدّ تواجهه الحكومة، هو أن الكثير من العقارات الفارهة غالية الثمن مملوكة لشركات مسجلة في الملاذات الضريبية الآمنة، وبالتالي لا تكشف عن ملاكها الحقيقيين، ما يجعل من الصعب جدّا رصد تلك الاستثمارات غير المشروعة.

وقال كاميرون في خطابه، إنه لا ينبغي أن تصبح بريطانيا ملاذا آمنا لأموال الفساد من أرجاء العالم، كما سيوجه دعوة للمجتمع الدولي، يطالب فيها بضرورة مواجهة “سرطان الفساد”.

ويشير تقرير أصدرته منظمة مكافحة الفقر (ون) عن عام 2014، إلى أن نحو 930.7 مليار دولار، تنهب من البلدان الفقيرة بسبب الفساد، محذّرا من استخدام الشركات الوهمية وغسيل الأموال عبر شراء العقارات الفخمة في بريطانيا.

وكانت الوكالة الوطنية للجريمة قد أكدت الأسبوع الماضي، أن مجرمين أجانب تسببوا في ارتفاع أسعار المساكن في بريطانيا عن طريق ضخّ مليارات الدولارات لشراء عقارات باهظة الأسعار. وصنّفت منظمة الشفافية الدولية في القطاع العقاري، بريطانيا كملاذ آمن للأموال القذرة.

ودعت إلى ضرورة إلزام الشركات الأجنبية التي تشتري عقارات فيها بالإعلان عن ملاكها الحقيقيين، لتقليل مخاطر استخدام أموال مهرّبة في شراء تلك العقارات، بينما يعدّ توظيف تلك الاستثمارات جريمة تتعلق بتبييض الأموال.

ودعوة المنظمة إلى الكشف عن الملاك الحقيقيين لتلك العقارات، واحدة من عشر توصيات كانت قد قدمتها للحكومة البريطانية، لمنع أجانب من القيام بعمليات تبييض أموالهم القذرة عبر القطاع العقاري البريطاني.

ومن بين أهم التوصيات التي رفعتها منظمة الشفافية الدولية لبريطانيا، منع شراء العقارات بأموال سائلة، ما يفرض الشراء عبر تحويلات مصرفية، تكشف هويّة الشركة أو المستثمر.

كما طالبت المنظمة المعنية بمكافحة الفساد المالي والسياسي، شركات الوساطة العقارية بضرورة فحص خلفية المشترين، والبائعين للتأكد من التمويل ومصدره.

وبينما اعتبرت الأمم المتحدة في تأكيدات سابقة، أن أجهزة تطبيق القانون حول العالم لا تنجح في رصد أكثر من 1 بالمئة من عمليات تبييض الأموال، أجرت الشرطة البريطانية تحقيقات خلال السنوات العشر الماضية في صفقات عقارية بقيمة تزيد على 278 مليون دولار.

ويقول نيك ماكسويل مدير الأبحاث في منظمة الشفافية الدولية، إن البيانات تشير إلى أن مصادر الاستثمارات الأجنبية في العقارات باهظة الثمن في بريطانيا تأتي من مناطق في أنحاء العالم، يمثل فيها فساد القطاع العام المحلي تحديا أساسيا. ومن بين أكبر المشترين للعقارات باهظة الثمن في لندن مستثمرون من شرق أوروبا وروسيا.

ويعتقد خبراء أن هناك ثغرات قانونية، مكّنت العديد من الأجانب خاصّة منهم الروس من شراء عقارات عبر شركات وهمية في عدد من المدن البريطانية.

وتمتلك الشركات الأجنبية نحو 40725 عقارا في لندن، 89 بالمئة منها مسجلة في الملاذات الضريبية الآمنة مثل جزر فيرجن وجزر جيرسي وإيسلي أوف مان، التي تسهل فيها إقامة شركات دولية بتكلفة تقل عن ألف دولار، وخلال أقل من 48 ساعة، فيما ترجّح منظمة الشفافية الدولية تأسيس بعض الأجانب لشركات من دون وثائق تثبت هوية المؤسسين، حسب تقرير المنظمة.

وتعتبر بريطانيا نفسها دولة تجارية مفتوحة أمام الأعمال والشركات، ما جعلها وجهة لأغلب الاستثمارات، لكنّ وجود ثغرات قانونية في تأسيس الشركات وفي القطاع العقاري، فتح أبوابها أمام العديد من الفاسدين، حسب تقارير دولية قالت، إن الروس يتصدرون قائمة مؤسسي الشركات الوهمية.

 

www.alarab.co.uk

go top